للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن نفسه والظاهر معه وهو يصلح حجة للدفع لا للاثبات والاستحقاق فيكتفى فى جانبه بامكان التوفيق لأن الظاهر هو عدم التعارض عادة.

ثانيهما: أنه يكتفى بامكان التوفيق اذا كان وجهه واحدا ظاهرا أما اذا تعددت وجوهه فلا بد من التوفيق فعلا حتى يتبين واقع الأمر ويتضح وجه الخصومة. والفتوى على أنه يجب لرفع التناقض التوفيق فعلا حتى يتجدد سير الخصومة وأساسها. ويصدر الفصل فيها على بينة من أمرها ولذا كان واجب القاضى عند حدوث التناقض أن يستوضح المتناقض عن تناقضه وعن وجه التوفيق ولا يقضى عليه بمنعه من دعواه بمجرد حدوثه ومن الأمثلة المتفرعة عن ذلك:

١ - ادعى شخص على آخر أن الدار التى فى يده ملك له ورثها عن أبيه منذ سنة ثم ادعاها ثانيا بعد عجزه عن اثبات دعواه الأولى بأنها ملكه اشتراها من فلان منذ سنتين فعلى القياس تسمع الدعوى الثانية لامكان أنه اشتراها من فلان منذ سنتين ثم باعها لأبيه ثم مات أبوه فورثها عنه منذ سنة وعلى الأقوال الثلاثة الأخرى لا بد من التوفيق بالفعل لاشتراطه مطلقا أو اذا كان فى كلام المدعى أو اذا تعدد وجه التوفيق لأن تملك أبيه اياها له أسباب كثيرة لا تقتصر على الشراء.

٢ - طلب شخص زوجته الى محل طاعته فدفعت دعواه بأن الذى زوجها منه أخوها وأنها اختارت نفسها عند بلوغها ثم عجزت عن اثبات دفعها هذا فعدلت عنه وقالت انه طلقنى فعلى الاستحسان لا بد من التوفيق فعلا بأن تقول بعد أن اخترت نفسى وقت البلوغ علمت أنه طلقنى وعلى القياس والقولين الآخرين يكفى امكان التوفيق فيسار فى دفعها الأخير وان لم توفق لأن التناقض حدث فى كلام المدعى عليه ولتعذر أوجه التوفيق اذ تكون قد اختارت نفسها فعلا ولم يكن مستوفيا لشروطه وأنه طلقها بعد ذلك أو أنها لما عجزت عن اثباته طلقها بعد ذلك. ويرى الزيدية الا يتقدم الدعوى من المدعى ما يكذبها أن يدعى وديعة فيقول الوديع ما أودعتنى شيئا فيقيم المدعى البينة على دعواه فاذا دفعها المدعى عليه بأنه قد ردها اليه لم تسمع اذ لا يتصور رد مع قوله ما أودعتنى شيئا وهذا بخلاف ما اذا أنكر الدعوى ابتداء ثم ادعى الرد اذ يحتمل أنه انما أنكر وديعة واجبة الرد (١).

٨ - الثامن من شروط‍ الدعوى:

الا يمضى على ترك المدعى لدعواه المدة الطويلة المانعة من سماع الدعوى وقد سبق بيان ذلك فى الكلام فى بيان ما شرط‍ فى المدعى به من أنه يجب أن يكون مما يحتمل الثبوت.

واشترط‍ الحنابلة: أن تكون الدعوى متضمنة لطلب حق يمكن الحكم به فلا تصح بدين مؤجل لاثباته لأنه لا يملك المطالبة بادائه قبل حلول الأجل وقالوا اذا خاف المدعى سفر الشهود أو خاف سفر المدين صحت حفظا للمال (٢).


(١) شرح الازهار ح‍ ٤ ص ١٢٤.
(٢) مطالب أولى النهى ح‍ ٦ ص ٥٠٢.