قبل دفعه لهم فالمشهور انه ان كان نقدا فضمانه من الدائنين، لتفريطهم فى قسمته، اذ لا كلفة فى قسمته لانه مهيا لذلك واما ان كان غير نقد كالعروض والحيوان والطعام وجمعه القاضى ليعطى للدائنين ان وافق دينهم أو ليباع ويعطى ثمنه لهم ان خالفه فضاع او تلف قبل دفعه لهم أو قبل بيعه فضمانه من المفلس لا من الدائنين لأن العرض ونحوه معد للنماء ولما كان للمفلس نماؤه كان عليه هلاكه وهذا هو الراجح.
وقال ابن رشد: اذا كان هذا العرض ونحوه موافقا فضمانه من الدائنين لا من المفلس (١)
[مذهب الشافعية]
بعد الحجر على المفلس بسبب افلاسه يستحب للقاضى أو نائبه ان يبادر ببيع مال المفلس بقدر الحاجة لئلا يطول زمن الحجر عليه او حبسه إن حبس. لكن لا يجوز له أن يبالغ فى الاستعجال لئلا يطمع فيه بثمن بخس ويبيع القاضى بنفسه أو نائبه لمال المفلس شرط فى صحة البيع، فليس لغيره البيع حتى ولو كان محكما عند من قال بجواز حجر المحكم على المفلس.
والمراد بالقاضى هنا ايضا هو قاضى بلد المفلس كما سبق فى الحجر على المفلس لأن الولاية له على مال المفلس حتى ولو كان المال ببلد اخر تبعا للمفلس ويستحب ان يكون البيع بحضور المفلس والدائنين أو وكيلهم لأن ذلك انفى للتهمة وأطيب للقلوب وليبين المفلس ما فى ماله من العيوب فلا يرد.
ومن الصفات المطلوبة فتكثر الرغبات ولأن الدائنين قد يزيدون فى ثمن السلعة. والاولى ان يتولى المفلس أو وكيله بيع المال باذن القاضى ليقع الاشهاد عليه. ويكتفى فى بيع مال المفلس منه أو من القاضى بوضع اليد، ولا يحتاج الى بينة تثبت ان المال ملك له على المعتمد وبيع القاضى هذا ليس حكما بأن المال ملك للمفلس على المعتمد. ويقدم بيع ما يسرع اليه الفساد كالفاكهة لئلا يضيع، ثم ما تعلق به حق كمرهون لتعجيل حق مستحقه ثم الحيوان لاحتياجه للنفقة وتعرضه للتلف، ثم النقولات لخوف ضياعها ويقدم الملبوس منه على النحاس ونحوه. ثم العقار لأنه يؤمن عليه التلف والسرقة ويشهد بيعه، ويقدم البناء على الارض قال الاذرعى: والظاهر ان الترتيب يستحب فيما عدا ما يخشى فساده أو نهبه أو استلاء نحو ظالم عليه فيجب وقد تقتضى المصلحة تقديم العقار ونحوه على غيره عند الخوف عليه مما ذكر فالأحسن اذا هو تفويض الامر فى ذلك الى اجتهاد القاضى وعليه بذل الوسع فيما يراه الاصلح. ويستحب للقاضى ان يبيع كل شئ فى سوقه لأن الرغبة فيه اكثر والتهمة فيه ابعد. ومحل ذلك اذا لم يكن فى نقله مؤنة كبيرة فان كانت ورأى القاضى المصلحة فى استدعاء المشترين اليه فعل وهذا اذا لم يتعلق بالسوق غرض معتبر للمفلس والا وجب حتى ولو كان فى النقل مؤنة كبيرة وكذلك لو ظن القاضى زيادة الثمن فى غير سوقه وجب ان يفعل ذلك كما يجب على القاضى ان يبيع مال المفلس بثمن مثله فاكثر وان يكون الثمن حالا من نقد البلد لأن التصرف لغيره فوجب فيه رعاية المصلحة. فان خالف فى شئ مما يجب لم يصح البيع الا اذا رضى المفلس والدائنون بشئ من ذلك ولو دون ثمن المثل فانه يجوز ولو باع القاضى مال المفلس بثمن مثله ثم ظهر راغب بزيادة وجب القبول فى المجلس وفسخ البيع فان لم يقبل فسخ القاضى عليه.
ولو تعذر من يشترى مال المفلس بثمن مثله من نقد البلد وجب الصبر. ولا يجوز للقاضى أو نائبه ان يسلم البيع من مال المفلس قبل قبض ثمنه احتياطا ولو مع وجود ضامن ثقة أو رهن فان فعل ذلك ضمن المبيع بقيمته إن تلف وقيل يضمن الثمن وقيل: يضمن اقل الامرين. ويستثنى من ذلك - عند الاذرعى ما لو باع شيئا من مال المفلس لاحد الدائنين له وعلم أنه يحصل له عند القسمة مثل الثمن الذى اشتراه به اخر أكثر فإنه يجوز للقاضى ان
(١) شرح الخرسى ج ٥ ص ٨٠٨ وما بعدها والشرح الكبير ج ٣ ص ٢٦٦ وما بعدها والشرح الصغير ج ٢ ص ١٤١ وما بعدها