وعقب ابن عابدين فى حاشيته على قول الكمال بن الهمام بقوله: ولا يخفى أن هذا تحقيق للقول الثانى المفتى به لأن المشايخ عللوه بفساد الزمان أى فيكون الزوج متهما، واذا كان صالحا تنتفى التهمة فيقبل قوله، فلا يكون هذا قولا ثالثا.
ولا يشترط فى الاستثناء بالمشيئة القصد كما هو ظاهر المذهب - فلو جرى ذكر المشيئة على لسان الزوج بعد التكلم بالطلاق دون قصد الى التعليق والابطال صح الاستثناء ولا يقع الطلاق كما لو قال لزوجته أنت طالق فجرى على لسانه أو غير طالق بدون قصد. فانه لا يقع طلاق، ولأن الطلاق مع الاستثناء ليس طلاقا.
وكذلك لا يشترط التلفظ بالاستثناء ولا بالطلاق، فلو تلفظ بالطلاق وكتب الاستثناء موصولا أو عكس أو كتبهما معا أو أزال الاستثناء بعد الكتابة فانه يصح فى ذلك كله ولا يقع طلاق فى جميع الصور.
وكذلك لا يشترط العلم بمعنى الاستثناء ومعرفة أثره شرعا فلو أتى بالمشيئة عقب الطلاق جاهلا ما تدل عليه وتؤدى اليه صح ولا يقع الطلاق كسكوت البكر اذا زوجها أبوها ولا تدرى أن السكوت رضا يمضى به العقد عليها.
ولو شهد اثنان لشخص أنه أتى بالمشيئة عقب التلفظ بصيغة الطلاق موصولا. وهو لا يذكر أنه أتى بالمشيئة ان كان بحال لا يدرى معها ما يجرى على لسانه لغضب أو نحوه جاز له أن يعتمد على شهادتهما ويأخذ بعدم وقوع الطلاق .. وليس المراد أنه وصل الى حالة من نقصان الوعى لا يدرى معها ما يقول ولا يقصده ولا يفهم معناه كالمدهوش والنائم مثلا فان هذا لا يقع طلاقه شرعا من غير استثناء وانما المراد أنه قد ينسى ما وقع منه وما قاله لاشتغال فكره باستيلاء الغضب عليه.
[الاستثناء بالأداة]
هذا هو النوع الثانى من الاستثناء الذى يرد على الطلاق عند الحنفية وهو بيان بألا أو احدى أخواتها أن ما بعدها لم يرد بحكم الصدر.
ويشترط فى هذا الاستثناء أن يكون متصلا بالمستثنى منه نحو أن يقول:
أنت طالق ثلاثا الا واحدة متصلا، فان فصل بينهما بسكتة اختيارا أو بكلام لغو لا يفيد معنى يتصل بسياق الكلام نحو أن يقول: أنت طالق ثلاثا ثم يسكت بدون عذر مدة ثم يقول الا واحدة ..
أو يقول أنت طالق ثلاثا الحمد لله رب العالمين الا واحدة فان الاستثناء يكون باطلا وتطلق ثلاثا. أما الفصل بسكتة لعذر التنفس أو السعال أو نحو ذلك أو بكلام لا يعد لغوا فلا يضر ويصح الاستثناء.