للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجوز كتوريث العمة والخالة، فإن علة توريثهما عند من ورثهما أو عدم توريثهما عند من لم يورثهما هو كونهما من ذوى الأرحام، وكل من ورث واحدة أو منعها، قال فى الأخرى كذلك، فصار ذلك بمثابة قولهم: لا تفصلوا بينهما، وإن لم يتحد الجامع بينهما فيجوز، كما إذا قال بعضهم:

لا زكاة فى مال الصبى ولا فى الحلى المباح.

وقال بعضهم بالوجوب فيهما فيجوز الفصل، وسبب هذا التفصيل أن اتحاد الجامع فى المسألتين شبيه بما لو صرحوا بعدم الفرق فيكون التفصيل معه فرقا للإجماع.

أما إذا لم يتحد الجامع فلا يظهر أن جمع الأولين بين المسألتين يدل على عدم الفرق ويكون بمثابة نص عليه ومن ثم جازت التفرقة لأنه لا خرق فيها لإجماع، وبهذا يتبين أن أصل القاعدة وهى أن أحداث قول ثالث فى المسألة الأولى أو تفصيل بين مسألتين فى الثانية أن استلزما خرقا للإجماع منعا، وإن لم يستلزما ذلك جازا، وأن الخلاف إنما هو فى تطبيق هذه القاعدة على جزئيات المسائل (١).

إذا اختلفوا ثم ماتت إحدى الطائفتين

فهل يصير قول الباقين

إجماعا وحجة

اختلف العلماء فى ذلك: فمنهم من قال:

يصير قول الباقين إجماعا وحجة لأنه أصبح قول كل الأمة، وهذا هو الذى جزم به الإمام الرازى وأتباعه (٢).

والأكثرون على أن قول الباقين لا يصير إجماعا لأن قول الذين ماتوا قائم بدليله، وإن مات أصحابه والمذاهب لا تموت بموت أصحابها، وإنما اعتبر خلاف المخالف لدليله لا لعينه (٣).

ويقول الغزالى: إن الباقين ليسوا كل الأمة بالاضافة الى تلك المسألة لتى أفتى فيها الميت فإن فتواه لا ينقطع حكمها بموته (٤).

هل يعتبر عدم العلم بالخلاف

حكاية للإجماع

قال الصيرفى: لا يكون إجماعا لجواز الاختلاف (٥)، وكذا قال ابن حزم فى الأحكام (٦).

وقال بعض الشافعية: إذا قال لا أعرف بينهم خلافا فإن لم يكن من أهل الاجتهاد وممن أحاط‍ بالإجماع والاختلاف لم يثبت الإجماع بقوله، وإن كان من أهل الاجتهاد، فاختلف أصحابنا فى إثبات الإجماع بقوله: والصحيح أنه لا يؤخذ الإجماع بقوله ولو كان مجتهدا، فإن الشافعى قال فى زكاة البقر: لا أعلم خلافا فى أنه ليس فى أقل من ثلاثين منها تبيع.

والخلاف فى ذلك مشهور، فإن قوما يرون الزكاة على خمس كزكاة الإبل، وقال مالك فى موطئه وقد ذكر الحكم برد اليمين وهذا مما لا خلاف فيه بين أحد من الناس


(١) شرح الإسنوى على المنهاج وحاشيته ج‍ ٣ ص ٨٨٩ إلى ٩٣.
(٢) شرح الإسنوى ج‍ ٣ ص ٩٠٨.
(٣) عبد العزيز البخارى على الكشف ج‍ ٣ ص ٩٦٩.
(٤) المستصفى ج‍ ١ ص ١٩٥.
(٥) ارشاد الفحول ص ٨٥.
(٦) ج‍ ٤ ص ١٧٥.