للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في ملكه لحق يحتمل الثبوت والعدم وهو الربح لا سبيل إليه، ولكن يقال له إن أردت الإمساك فرد عليه ماله وإن كان فيه ربح يقال له ادفع إليه رأس المال وحصته من الربح ويسلم المتاع إليك (١). وعقد المضاربة عد غير لازم ولكل من رب المال والمضارب أن يفسخه لكن عند وجود شرطه وهو علم صاحبه، ويشترط أيضًا أن يكون رأس المال عينا وقت الفسخ دراهم أو دنانير، حتَّى لو نهى رب المال المضارب عن التصرف ورأس المال عروض وقت النهى لم يصح نهيه وله أن يبيعها لأنَّهُ يحتاج إلى بيعها بالدراهم والدنانير لمظهر الربح فكان النهى والفسخ إبطالا لحقه في التصرف فلا يملك ذلك، وإن كان رأس المال دراهم ودنانير وقت الفسخ والنهى صح الفسخ والنهى لكن له أن يصرف الدراهم إلى الدنانير والدنانير إلى الدراهم لأن ذلك لا يعد بيعا لاتحادهما في الثمنيه (٢). وإذا انفسخت المضاربة ومال المضاربة ديون على الناس وامتنع عن التقاضي والقبض فإن كان في المال ربح أجبر على التقاضى والقبض، وإن لم يكن فيه ربح لم يجبر عليهما وقيل له أحل رب المال بالمال على الغرماء لأنَّهُ إذا كان هناك ربح كان له فيه نصيب فيكون عمله عمل الأجير والأجير مجبور على العمل فيما التزم وإن لم يكن هناك ربح لم تسلم له منفعة فكان عمله عمل الوكلاء فلا يجبر على إتمام العمل كما لا يجبر الوكيل على قبض الثمن، غير أنه يؤمر المضارب أو الوكيل أن يحيل رب المال على الذي عليه الدين حتَّى يمكنه قبضه لأن حقوق العقد راجعة إلى العاقد فلا تثبت ولاية القبض للآمر إلا بالحوالة من العاقد فيلزمه أن يحمله بالمال حتَّى لا يتوى حقه (٣).

[مذهب المالكية]

جاء فى التاج والإكليل نقلا عن المدونة، قال مالك رضى الله تعالى عنه: لرب المال رد المال ما لم يعمل به العامل أو يظعن به لسفر، وإن ابتاع به سلفا وتجهز يريد بعض البلدان فنهاه ربه أن يسافر فليس له أن يمنعه بعد شرائه لأنَّهُ يبطل عليه عمله كما لو اشترى سلعا فأراد رب المال أن يبيع ذلك مكانه فليس له ذلك ولكن ينظر السلطان فمؤخر منها ما يرجى له سوق لئلا يذهب عمل العامل باطلًا. قال محمد رحمه الله تعالى: لو اشترى مثل الزاد والسفرة فإن رضى رب المال بأخذ ذلك بما اشتراه فذلك له. قال مالك رضى الله تعالى عنه: وليس لرب المال جبر العامل على بيع سلع قراضة لأخذ رأس ماله، وينظر الإِمام فيها إن رأى وجه بيعها عجله وإلا أخره إلى إبان سوقها كالحبوب تشترى في الحصاد ترفع لإِبان نفاقها والضأن تشترى قبل أيام النحر ترفع ليومه، قال اللخمى رحمه الله تعالى: وكذا العامل إن أراد تعجيل بيعها وأبى ربها (٤).


(١) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للإمام علاء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني جـ ٦ ص ١٠٠ الطبعة الأولى طبع مطبعة الجمالية بمصر سنة ١٣٢٨ هـ سنة ١٩١٠ م.
(٢) المرجع السابق جـ ٦ ص ١٠٩ نفس الطبعة.
(٣) المرجع السابق جـ ٦ ص ١١٤ نفس الطبعة.
(٤) التاج والإكليل لشرح مختصر خليل لأبى عبد الله محمد بن يوسف بن أبى القاسم العبدرى الشهير بالمواق جـ ٥ ص ٣٦٩ في كتاب على هامش مواهب الجليل لشرح مختصر خليل لأبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن المغربى الرعينى المعروف بالحطاب الطبعة الأولى سنة ١٣٢٩ هـ.