للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرجعت واخرجت ثوبين معها فقالت:

هذان ثوبان جئت بهما لأخى حمزة فقد بلغنى مقتله فكفنوه فيهما قال فجئت بالثوبين ليكفن فيهما حمزة، فاذا أتى جنبه رجل من الانصار قتيل، قد فعل به كما فعل بحمزة، قال: فوجدنا غضاضة ان نكفن حمزة فى ثوبين والانصارى لا كفن له، قلنا: لحمزة ثوب وللانصارى ثوب، فقد رئاها فكان احدهما اكبر من الاخر فأقرعنا بينهما، فكفنا كل واحد فى الثوب الذى طار له (١). وبالاضافة الى هذه الاحاديث الصحيحة فان هناك أثار الصحابة والتابعين رضى الله عنهم تثبت استقرار القضاء بينهم على استعمال القرعة والاعتداد بها والاعتماد عليها، بل ان بعض هذه الآثار يرقى الى درجة الاحاديث النبوية لما ورد فيها من وقوعها بعلم الرسول وبتقريره صلّى الله عليه وسلم فى حياته وموافقته اياهم، كما ان بعض هذه الاثار يقنعنا باتفاق هؤلاء الصحابة والتابعين على الاعتداد بالقرعة والقضاء بها بعد وفاته صلّى الله عليه وسلّم اتفاقا يرتفع فى نظر بعض الفقهاء والشراح الى مستوى الاجماع، وقال الشوكانى لقد كانت الصحابة تعتمد القرعة فى كثير من الامور وروى انه تشاح الناس (٢) يوم القادسية فى الاذان فأقرع بينهم سعد (٣). وروى مالك بن انس وكذلك الشافعى عن عصر التابعين ايضا: أن رجلا فى امارة ابان بن عثمان أعتق رقيقا له كلهم (٤) جميعا ولم يكن له مال غيرهم فأمر ابان بن عثمان بتلك الرقيق فقسمت اثلاثا ثم اسهم على ايهم يخرج سهم الميت فيعتقون فوقع السهم على احد الاثلاث فعتق الثلث الذى عليه السهم (٥) ويذكر الشافعى: ان عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه قضى فى رجل اوصى بعتق رقيقه وفيهم الكبير والصغير فاستشار عمر رجالا منهم خارجة بن زيد بن ثابت (٦) فأقرع بينهم قال ابو الزناد: وحدثنى رجل عن الحسن ان النبى صلّى الله عليه وسلّم اقرع بينهم (٧). ويقرر القرافى اجماع التابعين على ذلك حيث قال له عمر بن عبد العزيز: وخارجه ابن زيد وابان بن عثمان وابن سيرين وغيرهم ولم يخالفه من عصرهم احد (٨).

ثالثا موقف الفقه الاسلامى

من الاقتراع والقرعة

[مذهب الحنفية]

[القرعة كدليل اثبات]

لا تجوز القرعة باعتبارها وسيلة من وسائل الاثبات عند الحنفية ولذلك قالوا لو ادعى اثنان عينا فى يد اخر كل واحد منهما يزعم


(١) انظر الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية ص ٢٩٠، ٢٩١ الاوطار ج ٥ ص ٢٦٩.
(٢) اى تنافسوا ولم يتراضوا.
(٣) انظر الجامع الصحيح للبخارى ج ٢ ص ١٥٩ ونيل الاوطار ج ٥ ص ٢٦٩.
(٤) هوابان بن عثمان بن عفان رضى الله تعالى عنهما من عمداء رواية الحديث النبوى الشريف وفى مقدمة الرواد الاوليين لدراسة السيرة النبوية وقد تولى امارة المدينة المنورة فى عهد الخليفة الاموى عبد الملك سنة ٧٥ هـ‍.
(٥) انظر الموطأ ج ٢ ص ١٣٩ والام ج ٧ ص ٣٣٧.
(٦) أحد الفقهاء السبعة.
(٧) اى فى حادثة مماثلة وقد اسلفناها، انظر الشافعى والام ج ٧ ص ٣٣٧.
(٨) أنظر الفروق القرافى الفروق الفرق الاربعين والمائتان ج ٤ ص ١٣٣ - ١٣٧ الهداية وفتح القدير وبها مشهما العناية ج ٦ ص ٢١٧ باب ما يدعيه الرجلان.