للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بتحريم ذلك فإن صلاتهم صحيحه لأن أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم تابعوه فى التسليم فى حديث ذى اليدين.

وجاء فى موضع آخر (١): أن صلى مسافر خلف مسافر ونسى الإمام فصلاها تامة صحت صلاته وصلاتهم، وأن علم المأموم أن قيامه لسهو فلا يجب أتباعه لأنه سهو وله مفارقته ان سبح له ولم يرجع، فان تابعه لم تبطل الصلاة لأنهم لو فارقوا الإمام وأتموا صلاتهم فمع الموافقة أولى.

وقال القاضى: تفسد صلاتهم بإتباعه للزيادة عمدا، فإن لم يعلموا هل قام الامام سهوا أو عمدا لزمهم متابعته ولم يكن لهم مفارقته لأن حكم وجوب المتابعة ثابت فلا يزول بالشك.

[مذهب الظاهرية]

قال ابن حزم الظاهرى (٢): وفرض على كل مأموم ألا يرفع ولا يركع ولا يسجد ولا يكبر ولا يقوم ولا يسلم قبل إمامه، ولا مع إمامه فإن فعل عامدا بطلت صلاته لكن بعد تمام كل ذلك من إمامه فان فعل ذلك ساهيا فليرجع ولا بد حتى يكون ذلك كله منه بعد كل ذلك من إمامه وعليه سجود السهو.

برهان ذلك ما روى عن ابى موسى أنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا، فبين لنا سنة الخير وعلمنا صلاتنا فقال: إذا صليتم فأقيموا صفوفكم، ثم ليؤمكم أحدكم، فإذا كبر فكبروا، وإذا قال «غير المغضوب عليهم ولا الضالين» فقولوا «آمين» يجبكم الله.

فإذا كبر وركع فكبروا واركعوا فإن الإمام يركع ويرفع قبلكم فتلك بتلك وإذا كبر وسجد فكبروا واسجدوا فإن الإمام يسجد قبلكم ويرفع قبلكم، فتلك بتلك، حدثنا عبد الرحمن عن البراء بن عازب قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال: سمع الله لمن حمده لم يحن ظهره حتى يقع النبى صلى الله عليه وسلم ساجدا ثم نقع سجودا بعده».

وروى عن أبى هريرة رضى الله عنه أيضا أنه قال: «أن الذى يرفع رأسه قبل الإمام ويخفض قبله فان ناصيته بيد الشيطان».

وقال فى موضع آخر (٣): ومن علم أن أمامه قد زاد ركعة أو سجدة فلا يجوز له أن يتبعه عليها، بل يبقى علي الحالة الجائزة، ويسبح بالإمام، وهذا لا خلاف فيه، وقد قال الله عز وجل: «لا تُكَلَّفُ إِلاّ نَفْسَكَ» (٤).

وقال أبن حزم الظاهرى أيضا (٥): وإذا سها الإمام فسجد للسهو ففرض على المؤتمين أن يسجدوا معه إلا من فاتته معه ركعة


(١) المغنى والشرح الكبير لابن قدامة ج‍ ٢ ص ١٣١، ١٣٢ الطبعة السابقة.
(٢) المحلى لأبن حزم الظاهرى ج‍ ٤ ص ٦٠، ٦١ مسألة رقم ٤١٧ طبع إدارة الطباعة المنيرية مطبعة النهضة بمصر سنة ١٣٤٧ هـ‍ الطبعة الأولى.
(٣) المحلى لابن حزم ج‍ ٤ ص ٥٢ مسألة رقم ٤١٤ الطبعة السابقة.
(٤) سورة النساء: ٨٤.
(٥) المحلى لابن حزم ج‍ ٤ ص ١٦٦، ١٦٧ مسألة رقم ٤٦٩ الطبعة السابقة.