للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما بعده وهو أحد الأقوال الستة التي حصلها ابن زرقون على ما قاله في التوضيح، كأنه والله أعلم أشار به إلى أخذها من كلام ابن رشد وقال البساطي هنا فإن قلت قوله (وإلا فالمعتاد) يقتضي أن العارية لازمة إلى انتهاء المدة، وقوله (وله الإخراج) ينافي ذلك. قلت هو تابع في ذلك للمدونة ويبين لك ذلك بنصها قال ومن أذنت له أن يبني في أرضك أو يغرس فلما فعل أردت إخراجه فإن كان بقرب ذلك مما يرى أنه لا يشبه أن يعير إلى تلك المدة فليس لك إخراجه إلا أن تعطيه ما أنفق. فأنت ترى أنه جعلها الأزمة إلى المدة ولكنه جعل للمعير الإخراج بشرط أن يعطيه ما أنفق فليس بين الكلامين خلاف قال صاحب التاج والإكليل نقلًا عن المدونة قال ابن القاسم: وإن أردت إخراجه بعد أمد يشبه أنك أعرته إلى مثله فلك أن تعطيه قيمة البناء أو الغرس مقلوعا، قال محمد رحمه الله تعالى: بعد طرح أجرة القلع وإلا أمرته بقلعه إلا أن يكون مما لا قيمة له ولا نفع فيه إذا قلع مثل الجص ونحوه فلا شيء للباني فيه وكذلك لو ضربت لعارية أجلا يبلغه فليس لك ههنا إخراجه قبل الأجل وإن أعطيته قيمة ذلك قائما (١). قال ابن رشد رحمه الله تعالى: وأجرة حمل العارية على المستعير واختلف في أجرة ردها فقيل على المستعير وهو الأظهر. ونقل عن الاستغناء: قال بعض أصحابنا من استعار دابة أو شيئًا له نفقة فذلك على صاحبها وليس على المستعير من ذلك شيء لأنه لو كان على المستعير لكان كراء ويكون العلف في الغلاء أكثر من الكراء ويخرج من عارية إلى كراء وقال بعض المفتين: إلا في الليلة والليلتين فذلك على المستعير وقيل أيضًا في الليلة والليلتين على ربها، وأما في المدة الطويلة والسفر البعيد فعلى المستعير كنفقة العبد المخدم، وكأنه أقيس (٢).

[مذهب الشافعية]

جاء في مغني المحتاج أن لكل من المعير والمستعير رد العارية متى شاء وإن كانت مؤقتة والمدة باقية لأنها مبرة من المعير وارتفاق من المستعير فلا يليق بها الإلزام ورد المعير بمعنى رجوعه كما في المحرر إلا إذا كانت العارية لازمة كمن أعار أرضا لدفن ميت محترم و فعل المستعير فلا يرجع المعير في موضعه الذي دفن فيه وامتنع على المستعير ردها فهى لازمة من جهتها حتَّى يندرس أثر المدفون بأن يصير ترابا لا يبقى منه شيء غير عجب الذنب. وإذا أعار للبناء أو الغراس ولم يذكر مدة بأن أطلق ثم رجع بعد أن بني المستعير أو غرس إن كان المعير شرط عليه القلع فقط أو شرطه مجانا أي بلا أرش لنقصه لزمه قلعه عملا بالشرط فإن امتنع فللمعير القلع ويلزم المستعير تسوية الحفر إن شرطت وإلا فلا. ولو اختلف المعير والمستعير هل شرط القلع بأرش أو لا قال الأذرعي رضي الله تعالى عنه: الظاهر تصديق المعير كما لو اختلفا في أصل العارية لأن من كان القول قوله في شيء كان القول قوله في


(١) التاج والإكليل لشرح مختصر خليل لأبى عبد الله نور الدين محمد بن يوسف بن أبى القاسم العبدى الشهير بالمواق جـ ٥ ص ٢٧٠، ص ٢٧١ في كتاب على هامش مواهب الجليل لشرح مختصر خليل لأبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن المغربى الرعينى المعروف بالحطاب الطبعة الأولى طبع سنة ١٣٢٩ هـ.
(٢) المرجع السابق جـ ٥ ص ٢٧٣ نفس الطبعة.