القضاة قد يمتنعون من التعرض لذلك خوفا على أنفسهم ممن يقام الحد عليه أو من ذويه خلافا للإمام لما له من الشوكة والقوة والمنعة فلا يخشى تبعة الجناة وأتباعهم وهذا إلى أن تهمة الميل والمحاباة والتوانى في التنفيذ منفية عن الإمام فلا يحصل المقصود من الحدود إلا بإقامته وله الاستخلاف في إقامتها وذلك على نوعين: تنصيص وتولية أما التنصيص فهو أن ينص الإمام صراحة في استنابة على إقامة الحد فيجوز لخليفة إقامتها من غير شك وأما التولية فعلى ضربين عامة وخاصة فالعامة أن يولى رجلا ولاية عامة مثل إمارة أقليم أو بلد عظيم فيملك المولى إقامة الحدود وإن لم ينص عليها في ولايته لأن تقليده ولاية الإقليم أو البلد تعد تفويضا في القيام بمصالح أهله وإقامة الحدود من أهم مصالحهم (يراجع مصطلح حد في تعرف بقية الأحكام) والخاصة أن يولى رجلا ولاية خاصة مثل جباية الخراج فلا يملك بهذه الولاياة إقامة الحدود ولا يملكها إلا بالنص عليها ومن كان له ولاية إقامة الحد في بلد فخرج بأهله غازيا ملك عليهم في سيره إقامة الحد وأما إذا أخرج غازيا وجعل له إمارة أو فرقة ابتداء فلا يملك عليهم إقامة الحدود فيما بينهم لأنه ولاية خاصة لم تكن في ولايته من قبل.
[الإنابة في الوظائف: الخاصة بالوقف]
اختلف فقهاء الحنفية في استنابة أرباب الوظائف كالإمامة والخطبة والأذان والقراءة والتعليم ونحو ذلك مما يشترطه الواقفون في أوقافهم وفيما وقفوه على المساجد فذهب فريق إلى أن الاستنابة من أرباب هذه الوظائف لا تجوز إلا لعذر اقتضاهم الاستنابة فيها ومن الفقهاء كالطوسى من ذهب إلى عدم جوازها ولو مع العذر معللا ذلك بأن هذا هو غرض الواقف وإلا لشرط أن يقوم مقامه عند العذر من يستنيبه واعترض صاحب البحر وذلك قائلا أن الخصاف وصاحب الإسعاف أجازا للقيم على الوقف الإنابة ويجوز أن يجعل له من المرتب أجر عن عمله وليس أرباب الوظائف بأقل شأنا من القيم وقال إن هذا كالتصريح بجواز الاستنابة مطلقا والمتأخرون على جواز الاستنابة في الوظائف قال ابن عابدين والذي تحرر من النقول العمل بفتوى المتأخرين من جواز الاستنابة في الوظائف. يراجع مصطلح وقف في تعرف بقية الأحكام.
الإنابة في قبض الهبة: قبض الهبة شرط لتمامها وثبوت ملك الموهوب له وهو حق للموهوب له إذا كان من أهل التصرف وله الإنابة فيه لأنه من الأفعال المتعلقة بالعقود تجوز فيها الإنابة فإن لم يكن الموهوب أهلا للتصرف كان قبضها للولى عليه أو لمن هو في عياله فله عندئذ الاستتنابة في ذلك لأن فيه مصلحة الموهوب له ويرجع إلى تفصيل ذلك في مصطلح هبة.
[مذهب المالكية]
من الأفعال ما هو قلبى محض كالإيمان بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله والإيمان بالغيب وهذا النوع لا تجوز فيه الإنابة ولا النيابة واستثنى من ذلك بعض النوايا كإحجاج الصغير أو يقوم وليه عنه في النية وسائر نيات الأعمال التي