فى البيع لا يصلح أجرة فى الاجارة ولكن ليس كل ما يصلح أجرة يصلح ثمنا، فالمنفعة تصلح أجرة فى الجملة وذلك عند اختلاف المنفعتين المتقابلتين ولكنها لا تصلح ثمنا فى البيع اذ البيع لا يكون الا بمبادلة عين بعين.
[مذهب الحنفية]
يرون أنه يجب فى الأجرة أن تكون مالا معلوما متقوما، والأصل فى اشتراط العلم بالأجرة قوله صلّى الله عليه وسلّم: من استأجر أجيرا فليعلمه أجره، ويحصل العلم بالاشارة اليها وبالتعيين والبيان، ويكون العلم بها اذا كانت عينا بالاشارة أو بالتعيين والبيان وعند الاشارة اليها لا يحتاج الى ذكر جنسها ولا نوعها ولا صفتها سواء أكانت مما يتعين بالتعيين أم مما لا يتعين بالتعيين كالنقود، واذا لم تكن عينا كان العلم بها بالبيان والوصف المزيلين للجهالة المؤدية الى النزاع وذلك يكون ببيان الجنس والنوع والصفة والقدر غير أنه اذا لم يكن فى البلد الا نوع واحد من النقود لم يحتج فى العلم بها الى ذكر النوع والوزن واكتفى بذكر الجنس والقدر، وان كان فى البلد نقود مختلفة كانت من النقد الغالب، وان تعدد النقد الغالب وجب البيان والا فسد العقد، ولا بد من بيان مكان ايفائها اذا ما كان لها حمل ومئونة عند الامام، وعند أبى يوسف ومحمد لا يشترط ذلك، ويتعين مكان العقد مكانا للايفاء، وما صلح من الأجور أن يكون دينا فى الذمة كالمكيلات والموزونات والعدديات المتقاربة لا يشترط ذكر أجل للوفاء، ويصح اشتراط تعجيله وتأجيله، وعند عدم الاشتراط يرجع فى الوفاء به الى التراضى، وعند المشاحة لا يستحق الا باستيفاء المنفعة المعقود عليها على ما سيأتى بيانه.
وأما ما لا يصلح ان لا يكون دينا فى الذمة فمنه ما يصح فيه السلم كالثياب ونحوها فانها عند عدم الاشارة اليها تكون معرفتها بأوصافها وعندئذ لا بد من ذكر أجل للوفاء والتسليم لأن الوضع فيها عندئذ كالسلم فلا تثبت دينا فى الذمة الا بالتأجيل ولذا وجب معها ذكر الأجل ومنه ما لا يجرى فيه السلم كالدواب والأرض ونحوهما فانه لا يصير معلوما بذكر جنسه ونوعه وصفته وقدره لعدم انضباطه بل لا بد من تعيينه بالاشارة اليه ألا ترى أن ذلك لا يصلح أن يكون ثمنا فى البياعات وانما يعد مبيعا دائما له حكم المبيع فلا يصلح أن يكون أجرا فى الاجارات حتى يشار اليه وما كان منها مشارا اليه كان حكمه حكم الثمن اذا كان عينا حتى لو كان منقولا لم يصح التصرف فيه قبل قبضه وان كان عقارا فعلى الخلاف فى ذلك بين الشيخين ومحمد، ولو استأجر أجيرا بأجر معلوم مع طعامه أو دابة بأجر معلوم مع علفها لم يجز لجهالة مقدار الأجر بسبب الجهالة فى مقدار الطعام والعلف وكان ذلك هو القياس فى استئجار الظئر الا أنه قد أجيز للعرف، وفرعوا على ذلك أن من استأجر دارا بأجر معلوم وشرط عليه المؤجر تجصيصها أو اصلاح شئ من جدرها أو أبوابها أو نحو ذلك كان العقد فاسدا لأن المشروط صار جزءا من الأجرة وقيمته مجهولة فكان الأجر مجهولا، ومثل ذلك الأرض تستأجر بأجر معلوم على أن يكون على المستأجر كرى مراويها وحفر مصارفها ونحو ذلك.