للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رابعا: حكم اضافة الهبة

الى مجهول أو غير موجود

[مذهب الحنفية]

جاء فى بدائع الصنائع: أنه يشترط‍ فى الموهوب أن يكون موجودا وقت الهبة فلا تجوز هبة ما ليس بموجود وقت العقد بأن وهب ما يثمر نخله العام وما تلد أغنامه السنة ونحو ذلك بخلاف الوصية.

والفرق أن الهبة تمليك للحال وتمليك المعدوم محال، والوصية تمليك مضاف الى ما بعد الموت والاضافة لا تمنع جوازها.

وكذلك لو وهب ما فى بطن هذه الجارية أو ما فى بطن هذه الشاة أو ما فى ضرعها لا يجوز وان سلطه على القبض عند الولادة والحلب، لأنه لا وجه لتصحيحه للحال لاحتمال الوجود والعدم، لأن انتفاخ البطن قد يكون للحمل وقد يكون لداء فى البطن وغيره وكذا انتفاخ الضرع قد يكون باللبن وقد يكون بغيره فكان له خطر الوجود والعدم ولا سبيل لتصحيحه بالاضافة الى ما بعد زمان الحدوث لأن التمليك بالهبة مما لا يحتمل الاضافة الى الوقت فبطل ولهذا لا يجوز بيعه، بخلاف ما اذا وهب الدين من غير من عليه الدين وسلطه على القبض فانه يصح استحسانا، لأنه أمكن تصحيحه للحال لكون الموهوب موجودا مملوكا للحال مقدور القبض بطريقه.

وكذلك لو وهب زبدا فى لبن أو دهنا فى سمسم أو دقيقا فى حنطة لا يجوز وان سلطه على قبضه عند حدوثه، لأنه معدوم للحال فلم يوجد محل حكم العقد للحال فلم ينعقد ولا سبيل الى الاضافة الى وقت الحدوث فبطل أصلا، بخلاف ما اذا وهب صوفا على ظهر الغنم وجزه وسلمه فانه يجوز، لأن الموهوب موجود مملوك للحال، الا أنه لم ينفذ للحال لمانع وهو كون الموهوب مشغولا بما ليس بموهوب، فاذا جزه فقد زال المانع لزوال الشغل فينفذ عند وجود القبض، كما لو وهب شقصا مشاعا ثم قسمه وسلمه (١).

[مذهب المالكية]

جاء فى مواهب الجليل نقلا عن المدونة:

أن الغرر فى الهبة لغير الثواب يجوز الا فى البيع.

ومن وهب لرجل موروثه من فلان وهو لا يدرى كم هو سدس أو ربع، أو وهبه نصيبه من دار أو جدار وهو لا يدرى كم ذلك فذلك جائز، قال ابن الحكم:

تجوز هبة المجهول ولو ظهر له أنها كثير بعد ذلك (٢).


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع لأبى بكر ابن مسعود الكاسانى ج ٦ ص ١١٩ الطبعة الأولى طبع مطبعة الجمالية بمصر سنة ١٣٢٨ هـ‍ سنة ١٩١٠ م.
(٢) مواهب الجليل لشرح مختصر خليل للحطاب ج ٦ ص ٥١ فى كتاب على هامشه التاج والاكليل لشرح مختصر خليل للمواق الطبعة السابقة.