للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الحنابلة]

جاء في المغنى (١): إنه إذا تعدى المرتهن في الرهن أو فرط في الحفظ للرهن الذي عنده حتى تلف فإنه يضمن لا نعلم في وجوب الضمان عليه خلافًا ولأنه أمانة فى يده فلزمه ضمانه إذا تلف بتعديه أو تفريطه كالوديعة. وأما إذا تلف من غير تعد منه ولا تفريط فلا ضمان عليه وهو من مال الراهن يروى ذلك عن علي - رضي الله عنه - وبه قال عطاء والزهرى والأوزاعى ويروى عن شريح والنخعى والحسن أن الرهن يضمن بجميع الدين وإن كان أكثر من قيمته لأنه لا يروى عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه قال "الرهن بما فيه" وقال مالك إن كان تلفه بأمر ظاهر كالموت والحريق فمن ضمان الراهن وإن ادعى تلفه بأمر خفى لم يقبل قوله وضمن. وقال الثورى وأصحاب الرأى يضمنه المرتهن بأقل الأمرين من قيمته أو قدر الدين، ويروى ذلك عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، واحتجوا بما روى عطاء أن رجلًا رهن فرسًا فنفق عند المرتهن فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بذلك فقال "ذهب حقك ولأنها عين مقبوضة للاستيفاء فيضمنها من لذلك أو من قبضها نائبه لحقيقة المتوفى ولأنه محبوس بدين فكان مضمونًا كالبيع إذا حبس لاستيفاء ثمنه. ولنا ما روى ابن أبي ذئب عن الزهرى عن سعيد بن المسيب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "لا يغلق الرهن لصاحبه غنمه وعليه غرمه" رواه الأشرم عن أحمد بن عبد الله بن يونس عن ابن أبي ذئب ورواه الشافعي عن ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب ولفظه "الرهن من صاحبه الذي رهنه" وباقيه سواء قال ووصله ابن المسيب عن أبى هريرة عن النبى - صلى الله عليه وسلم - مثله أو مثل معناه من حديث أبى أنيسة ولأنه وثيقة بالدين فلا يضمن كالزيادة على قدر الدين وكالكفيل والشاهد ولأنه مقبوض بعقد واحد بعضه أمانة فكان جميعه أمانة كالوديعة وعند ما لك أن لا ما لا يضمن به العقار لا يضمن به الذهب كالوديعة. فأما حديث عطاء فهو مرسل وقول عطاء يخالف. قال الدارقطني: يرويه إسماعيل بن أمية وكان كذابًا وقيل يرويه مصعب بن ثابت وكان ضعيفًا، ويحتمل أنه أراد ذهب حقك من الوثيقة بدليل أنه لم يسأل عن قدر الدين وقيمة الفرس. وحديث أنس إن صح فيحتمل أنه محبوس بما فيه، وأما المستوفى فإنه صار ملكًا للمستوفى وله نماؤه وغنمه فكان عليه ضمانه وغرمه بخلاف الرهن والبيع قبل القبض ممنوع.

[مذهب الظاهرية]

قال ابن حزم الظاهرى (٢) فى المحلى: هلاك الرهن بغير فعل الراهن ولا المرتهن للناس فيه خمسة أقوال قالت طائفة: يترادان الفضل وتفسير ذلك أن الرهن إن كانت قيمته وقيمة الدين سواء فقد سقط الدين عن الذي كان عليه ولا ضمان عليه في الرهن فإن كانت قيمة الرهن أكثر سقط الدين بمقداره من الرهن وكلف المرتهن أن يؤدى إلى الراهن مقدار ما كان تزيده قيمة الرهن على قيمة الدين وإن كانت قيمة


(١) المغنى: جـ ١ ص ٤٤٢، ص ٤٤٣ الطبعة المذكورة.
(٢) المحلى للإمام أبي محمد على بن أحمد بن سعيد بن حزم جـ ٨ ص ٩٦ وما بعدها مسألة رقم ١٢١٤ طبع إدارة الطباعة المنبرية تحقيق محمد منير الدمشقى طبعة أولى سنة ١٣٥٠ هـ.