للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرهن أقل سقط من الدين بمقداره وأدى الراهن إلى المرتهن فضل ما زاد الدين على قيمة الرهن روينا من طريق الحكم وقتادة أن على بن أبي طالب قال: يتراجعان الفضل، يعنى في الرهن يهلك، وروى أيضًا عن ابن عمر وهو قول عبيد الله بن الحسن وأبى عبيد وإسحاق بن راهويه، وقالت طائفة: إن كانت قيمة الرهن أكثر من قيمة الدين أو مثلها فقد بطل الدين كله ولا غرامة على المرتهن في زيادة قيمة الرهن على قيمة الدين فإن كانت قيمة الرهن أقل من قيمة الدين سقط من الدين بمقدار قيمة الرهن وأدى الراهن إلى المرتهن ما بقى من دينه، روينا هذا من طريق الوراق عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عمر بن الخطاب ومن طريق وكيع عن علي بن صالح بن حى عن عبد الأعلى بن عامر عن محمد بن الحنفية عن علي بن أبي طالب ومن طريق قتادة عن عبد ربه عن أبي عياض عن علي ومن طريق وكيع عن إدريس الأودى عن إبراهيم بن عمير قال: سمعت ابن عمر يقول: مثل ذلك وهو قول إبراهيم النخعى وقتادة وبه يقول أبو حنيفة وأصحابه، وقالت طائفة: ذهب الرهن بما فيه سواء كان كقيمة الدين أو أقل أو أكثر. إذا تلف سقط الدين ولا يغرم أحدهما للآخر شيئا، صح هذا عن الحسن البصرى وإبراهيم النخعى وشريح والشعبى والزهرى وقتادة وصح عن طاووس في الحيوان يرتهن، وروينا عن النخعى والشعبى فيمن ارتهن عبدًا فاعور عنده قالا: ذهب بنصف دينه، وقالت طائفة، إن كان الرهن مما يخفى كالثياب ونحوها فضمان ما تلف منها على المرتهن بالغة ما بلغت ويبقى دينه بحسبه حتى يؤدى إليه بكماله، وإن كان الرهن مما يظهر كالعقار والحيوان فلا ضمان فيه على المرتهن ودينه باق بكماله حتى يؤدى إليه وهو قول مالك، وقالت طائفة: سواء كان مما أو مما لا يخفى لا ضمان فيه على المرتهن أصلًا ودينه باق بكماله حتى يؤدى إليه وهو قول الشافعي وأبى ثور وأحمد بن حنبل وأبى سليمان وأصحابهم، روينا من طريق الحجاج بن المنهال حدثنا همام بن يحيى حدثنا قتادة عن خلاس أن على بن أبي طالب قال في الرهن: يترادان الفضل فإن أصابته جائحة برئ، فصح أن على بن أبي طالب لم ير تراد الفضل إلا فيما تلف بجناية المرتهن لا فيما أصابته جائحة بل رأى البراءة له مما أصابته جائحة. وصح عن عطاء أنه قال: الرهن وثيقة إن هلك فليس عليه غرم بأخذ الدين الذي له كله، وعن الزهرى أنه قال في الرهن يهلك أنه لم يذهب حق هذا إنما هلك من رب الرهن له غنمه وعليه غرمه. قال أبو محمد (١): والواجب الرجوع إلى القرآن والسنة، فوجدنا ما حدثناه أحمد بن قاسم. . . حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهرى عن سعيد بن المسيب وأبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبى هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يغلق الرهن. الرهن لمن رهنه له غنمه وعليه غرمه، فهذا مسند من أحسن ما روى في هذا الباب، قال أبو محمد: وقد صح في ذم قوم في القرآن قوله تعالى: {ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما}، (٢) أي يراء هالكًا بلا منفعة. قال أبو محمد: ووجدنا النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قال: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام، فلم يحل لغريم المرتهن


(١) المرجع السابق جـ ٨ ص ٩٩ الطبعة السابقة.
(٢) الآية رقم ٩٨ من سورة التوبة.