للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يؤدى تركهم إلى انهزام المسلمين واستئصال قاعدة الإسلام، فإنه يجب الدفع وتسقط‍ حرمة الترس.

وقد قال المالكية أنه إذا اضطر الجيش إلى التخلى عن الخيل أو الحيوان فى أرض العدو، فانها تعرقب (أى تقطع عراقييها) فإن خيف أكلها فإنها تحرق، وذلك إذا كانوا يأكلون الميتة.

[مذهب الشافعية]

وقال الشافعية (١): إذا كان فى المشركين الذين يجرى قتالهم مسلم أو أسير أو تاجر مسلم جاز حصارهم وقتلهم بما يعم، فإن الأمر محمول على ما فيه مصلحة المسلمين لئلا يعطلوا الجهاد علينا بحبسهم مسلما عندهم. ولكن يجب توقى ذلك ما أمكن ويكره عند عدم الاضطرار إليه تحرزا من إيذاء المسلم ما أمكن، ومثله فى ذلك الذمى.

ولا ضمان عندهم فى قتل المسلم أو الذمى فى ذلك، لأن الفرض أنه لم تعلم عينه، أى أن المسلمين رموا أو أحرقوا ولا يعلمون بخصوص ذات من فيهم من المسلمين، ويجوز رميهم بالنار والمنجنيق ولو كان فيهم النساء والصبيان لقوله تعالى «وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ»، ولأنه صلى الله عليه وسلم حاصر أهل الطائف ورماهم بالمنجنيق.

وقال الإمام الشافعى: لا بأس أن ينصب المنجنيق على الحصون دون البيوت التى بها الساكن. إلا أن يلتحم المسلمون قريبا من الحصون فلا بأس أن ترمى البيوت.

وإذا كان فى الحصون والبيوت مقاتلة محصنون رميت الحصون والبيوت ولو التحموا فى حرب فتترسوا بنساء وخناثى وصبيان ومجانين منهم، جاز رميهم إذا دعت الضرورة لذلك، فإذا دفعوا بهم عن أنفسهم ولم تدع الضرورة إلى رميهم فالأظهر تركهم، لئلا يؤدى الرمى إلى قتلهم بغير ضرورة.

قالوا: ولكن المعتمد جوازه مع الكراهية وهو قياس على ما مر من قتلهم بما يعم.

وقيل يشترط‍ لذلك أن يكون القصد هو التوصل إلى رجالهم.

وإن تترسوا بمسلمين أو ذميين فإن لم تدع ضرورة إلى رميهم تركناهم وجوبا صيانة لهم، وهم يختلفون فى ذلك عن الذرية والنساء المشركات لأن حرمة المسلم أو الذمى لأجل الدين، واما حرمة الذرية والنساء فلحفظ‍ حق الغانمين خاصة.

وإلا فإذا تترسوا بمسلمين أو ذميين حال الالتحام فى الحرب واضطررنا لرميهم بأن كنا لو كففنا عنهم ظفروا بنا أو عظمت مكانتهم فينا، جاز رميهم على الأصح على قصد قتال المشركين، وفى سبيله ويتوقى المسلمون بحسب الإمكان، لأن مفسدة الكف عنهم أعظم ولا يكون ذلك


(١) نهاية المحتاج ج‍ ٨ ص ٦١، والأم ج‍ ٤ ص ٢٨٧ وما بعدها.