للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالتَّقْوَى} (١): فلا ضمان على العامل ولا على وارثه إن تلف المال بغير تعد ويكون الربح كله لصاحب المال أو لوارثه ويكون للعامل ههنا أو لورثته أجر مثل عمل فقط لقوله تعالى: {وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ} (٢) فحرمة عمله يجب أن يقاضى بمثلها لأنه محسن معين على بر، وإن اشترى العامل من مال القراض جارية فوطئها فهو زان وعليه حد الزنا لأن أصل الملك لغيره وولده منها رقيق لصاحب المال. وكذلك ولد الماشية وثمر الشجر وكرى الدور لأنه شئ حدث في ماله وإنما للعامل حظه من الريح فقط ولا يسمى ربحًا إلا ما نمى بالبيع فقط.

[أمين المضاربة]

[مذهب الزيدية]

إن المضاربة في (٣) الاصطلاح: دفع المال إلى الغير ليتجر فيه والربح بينهما حسب الشرط وهى عند العقد وكالة دائمة؛ وبعد الدفع أمانة. وبعد التصرف بضاعة؛ أي يرتجى الربح فيها. وبعد الريح شركة فإن فسدت فإجارة وإن خالف فغرامة أي يضمنها والأصل فيها فعل لا بينة فيما أقرضهما أبو موسى من بيت المال ولم ينكر وفعل عثمان وابن مسعود وحكيم بن حزام.

وقول عبد الله بن عمر وحكيم بن حزام، وقول على - رضي الله عنه - "لا ضمان عليه" الخبر وكانت قبل الإسلام فأقرها والقصد بها حصول النماء. فلا إذن فيما لا يؤثر فيه.

[مذهب الإمامية]

وجاء في العروة (٤) الوثقى: أن العامل أمين فلا يضمن إلا بالخيانة كما لو أكل بعض مال المضاربة أو اشترى شيئًا لنفسه فأدى الثمن من ذلك أو وطئ الجارية المشتراة أو نحو ذلك أو التفريط بترك الحفظ أو التصدى بأن خالف ما أمره به أو نهاه عنه، كما لو سافر مع نهيه عنه أو عدم إذنه في السفر أو اشترى ما نهى عن شرائه أو ترك شراء ما أمره به فإنه يصير بذلك ضامنًا للمال لو تلف ولو بآفة سماوية وأن بقيت المضاربة كما مر والظاهر ضمانه للخسارة الحاصلة بعد ذلك أيضًا، وإذا رجع عن تعديه أو خيانته فهل يبقى الضمان أولا به وجهان مقتضى الاستصحاب بقاؤه كما ذكروا في باب الوديعة أنه لو أخرجها الودعى عن الحرز بقى الضمان وإن ردها بعد ذلك إليه، ولكن لا يخلو عن إشكال لأن المفروض بقاء الإذن وارتفاع سبب الضمان. ولو اقتضت المصلحة بيع الجنس في زمان ولم يبع ضمن الوديعة إن حصلت بعد ذلك، وهل يضمن بنية الخيانة مع عدم فعلها به وجهان من عدم كون مجرد النية خيانة ومن صيرورة يده حال النية بمنزلة يد الغاصب والأقوى العدم ويمكن الفرق بين الغرم عليها فعلًا وبين الغرم على أن يخون بعد ذلك. والظاهر عدم الفرق بينهما.


(١) الآية رقم ٢ من سورة المائدة.
(٢) آية ١٩٤ سورة البقرة.
(٣) البحر الزخار جـ ٤ ص ٧٩، ص ٨٠ الطبعة السابقة.
(٤) العروة الوثقى للعلامة الفقيه السيد محمد كاظم الطباطبائى اليزدى جـ ١ ص ٥٦٤ مسألة رقم ٣٩ في كتاب عليه تعليقات لأشهر مراجع العصر وزعماء الشيعة الإمامية طبع مطبعة دار الكتب الإسلامية بطهران لصاحبها الشيخ محمد الأخوندى الطبعة الثانية سنة ١٢٨٨ هـ.