للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو بعد انقضاء المدة قلع مجانا وكلف تسوية الأرض كالغاصب في حالة العلم وكذلك ما نبت بحمل السيل إلى أرض غيره في حالة الجهل، وفى قول له القلع في المؤقتة مجانا إذا رجع بعد المدة ويكون هذا فائدة التأقيت، ومقابله يقول فائدته طلب الأجرة. وإذا أعاره أرضا لزراعته مطلقًا ورجع المعير قبل إدراك الزرع فالصحيح أن عليه الإِبقاء إلى الحصاد لأنَّهُ محترم وله أن ينتظر بخلاف البناء والغراس ومقابل الأصح وجهان:

أحدهما: له قلعه ويغرم أرش النقص.

والثانى: له التملك بالقيمة في الحال وعلى الأول إن كان الزرع مما يعتاد قلعه قصيلا كلف القلع وكذا إن لم ينقص بالقلع كما في المطلب وإن لم يعتد قطعه، والصحيح وفى الروضة الأصح أن له الأجرة من وقت الرجوع إلى الحصاد لأن الإباحة انقطعت بالرجوع فأشبه ما إذا أعار دابة ثم رجع في الطريق فإن عليه نقل متاعه إلى مأمن بأجرة المثل، والثانى لا أجرة له لأن منفعة الأرض إلى الحصاد كالمستوفاه بالزرع ثم أشار إلى ما هو كالمستثنى مما قبله بقوله: ولو عين المعيد مدة للزراعة ولم يدرك أي الزرع فيها لتقصير المستعير بتأخير الزراعة قلع المعير الزرع مجانا لما أشار إليه من كونه مقصرا ويلزمه أيضًا تسوية الأرض وإن قصر بالزرع ولم يقصر بالتأخير كأن كان على الأرض سيل أو ثلج أو نحو ذلك لا يمكن معه الزرع ثم زرع بعد تمكنه وهو لا يدرك في المدة فالحكم كذلك أما إذا لم يحصل منه تقصير فإنه لا يقلع مجانا بل يكون كما لو أعار مطلقًا سواء كان عدم الإِدراك لحر أم برد أم مطر أم لقلة المدة المعينة أم لأكل الجراد رءوس الزرع فنبت ثانيًا، قال الأسنوى وذكر الرافعى في الإِجارة أنه إذا أبدل الزرع المعين بغيره كان كالتقصير بالتأخير فيأتى مثله هنا أيضًا. ولو حمل السيل أو نحوه كهواء بذرا لغيره إلى أرضه فنبت فيها فالنابت لصاحب البذر لأنَّهُ عين ماله تحول إلى صفة أخرى فلم يزل ملكه عنه فيجب رده إليه إن حضر وعلمه وإلا فيرده إلى القاضي لأنَّهُ نائب الغائب ويحفظ المال الضائع. والأصح أن المالك يجبر على قلع ما ذكر لأن مالك الأرض لم يأذن له، والقول الثانى المقابل للأصح: لا يجبر لأنَّهُ غير متعد فهو كالمستعير، وعلى الأول يلزمه تسوية الأرض لأن ذلك لتخليص ملكه ولا أجرة عليه للمدة التي قبل القلع كما في المطلب لعدم فعله، أما إذا أعرض عنها مالكها وكان ممن يصح إعراضه فهى لمالك الأرض (١).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى والشرح الكبير أن مالك الشئ لو أعاره شخصا لينتفع به انتفاعا يلزم من الرجوع في العارية في أثنائه ضرر بالمستعير لم يجز له الرجوع لأن الرجوع يضر بالمستعير فلم يجز له الإِضرار به، مثل أن يعيره لوحا يرقع به سفينته فرقعها به ولجج بها في البحر لم يجز له الرجوع ما دامت في البحر وله الرجوع قبل دخولها في البحر وبعد الخروج منه لعدم الضرر فيه. وإن أعاره أرضا ليدفن فيها فله الرجوع ما لم يدفن فيها، فإذا دفن لم يكن له الرجوع ما لم يبل الميت، وإن أعاره حائطا ليضع عليه أطراف خشبه جاز كما تجوز إعارة الأرض


(١) المرجع السابق جـ ٢ ص ٢٥٣، ٢٥٤ نفس الطبعة.