للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على عضو واحد فاتلفت شيئين وأرش أحدهما أكثر من أرش الآخر دخل الأقل فى الأكثر اما ان وقعت على عضوين فانه يجب أرش كل منهما استقلالا ولم يدخل أحدهما فى الآخر وهذا عند أبى حنيفة واذا كان فى الجناية على الاول قصاص سقط‍ القصاص عنده للشبهة وعندهما يجب القصاص فيه أن أمكن الاستيفاء والا دخل الثانى فى الأول وقال زفر لا تتداخل أروش الجنايات فلا يدخل بعضها فى بعض اذا كانت فيما دون النفس فيجب فى كل جناية أرشها.

واذا ذهب بالموضحة السمع أو البصر أو الكلام لم يدخل أرشها فى أرش أحد هذه الاشياء عند أبى حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف يدخل فى دية السمع والكلام لا فى دية البصر لأن البصر ظاهر فلا يلحق بالعقل فى حكمه وهو دخول أرش الموضحة فى ديته أما السمع والكلام فأمران مصدرهما باطنى فيلحقان بالعقل فى دخول أرش الموضحة وللامام ومحمد ان كل واحد من هذه المنافع أصل بنفسه فيتعدد حكم الجناية عليه بتعدد فلا تداخل وهذا بخلاف العقل لأن منفعته تعود على الاعضاء جميعها فصار كالنفس بالنسبة لها وزواله فى معنى زوال النفس والحاق صاحبها بالموت وذهب الحسن بن زياد الى أن أرش الموضحة لا يدخل فى أرش شئ الا أرش زوال الشعر لاتحادهما محلا واذا اجتمع قتل وقطع فان تخلل بينهما برء اعتبر كل فعل مستقلا وترتب عليه أثره الشرعى حتى لو كانا عمدين استتبع كل منهما موجبه لأن موجب الاول تقرر بالبرء فلا يدخل أحدهما فى الآخر وعلى هذا يكون للولى القطع ثم القتل وان كانا خطأين فقطع الجانى يده ثم قتله خطأ وجبت دية ونصف دية للنفس ونصف دية لليد ولو كان القطع عمدا والقتل خطأ ففى اليد القود وفى النفس والدية ولو كان بالعكس ففى اليد نصف الدية وفى النفس القود واذا لم يتخلل برء فلو كان أحدهما عمدا والآخر خطأ اعتبر كل على حدة ففى الخطأ الدية وفى العمد القود ولو كانا خطأين فالكل جناية واحدة باتفاق فتجب دية واحدة ولو عمدين فعند الصاحبين يقتل ولا يقطع وعند الامام ان شاء الولى قطع ثم قتل وان شاء قتل ولا عبرة باتحاد المجلس وهو الظاهر وروى عن نصر بن سلام انه كان يقول الخلاف بين الامام وصاحبيه فيما اذا قطع يده فى مجلس وقتله فى مجلس آخر فلو كانا فى مجلس واحد يقتل ولا يقطع اتفاقا (١) نقلا عن الكفاية.

[مذهب المالكية]

وذهب المالكية الى أن الدية تتعدد بتعدد الجناية فلو قطع يديه فزال عقله فديتان ولو فقد بصره مع ذلك فثلاث ديات وهكذا - واذا كان محل الجناية له منفعة كالأذنين لهما منفعة السمع والعين لها منفعة البصر فزالت منفعة المحل بالجناية عليه فلا تتعدد الدية بذهاب منفعة المحل مع ذهابه فاذا قطع أذنيه فزال سمعه وجب


(١) الزيلعى ج ٦ ص ١٣٥ وما بعدها والدر المختار وابن عابدين ج ٥ ص ٣٩٨.