للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقسم الثمن من الدائنين الذين حلت ديونهم ثم اذا حل الاجل شاركهم أصحاب الديون المؤجلة فيما قبضوا بالحصص (١).

(٢) واذا مات الرجل وعليه ديون مؤجلة فانها تحل بموته سواء كان مفلسا أم لا، لأن الدين كان متعلقا بذمته وقد خربت فلم يبق للدين محل معلوم فتعلق بالتركة ومقتضاها الحلول (٣)

[مذهب المالكية]

اذا قضى القاضى بافلاس المديون وحجر عليه لذلك فان الدين المؤجل عليه يحل بهذا الافلاس على المشهور لأن ذمته قد خربت بالنسبة للمال الموجود تحت يده وقت الافلاس من حيث عدم التصرف فيه. واذا كان الدين المؤجل أجرة لدار أو دابه مثلا فانه يحل أيضا بافلاس المستأجر وان لم يستوف شيئا من المنفعة ان ترك المؤجر العين المستأجرة للمفلس الى أن تنته مدة الاجارة ويكون من حق المؤجر حينئذ ان يقاسم الدائنين بقدر أجرة عينه حالا كما يكون من حقه أيضا أن يفسخ العقد ويأخذ عينه المستأجرة ان شاء. وان كان المفلس قد استوفى بعض المنفعة فقط‍ فان المؤجر يكون من حقه أن يقاسم الدائنين بأجرة بعض المنفعة التى استوفاها المفلس ويأخذ حصته منها حالا، ويخير فى الباقى بين ان يفسخ العقد ويسترد عينه. وبين أن يبقيها للمفلس ويقاسم الدائنين بجميع الأجرة المؤجلة سواء ما استوفاه المفلس وما لم يستوفه. ومحل حلول الدين المؤجل بالافلاس ما لم يشترط‍ المديون على الدائن أنه لا يحل عليه الدين اذا أفلس وإلا عمل بشرطه ولو طلب بعض أصحاب الديون المؤجلة بقاء دينه مؤجلة على المفلس كما كان قبل الافلاس والحجر لم يجب الى ذلك لأن للمديون حقا فى تخفيف ذمته بحكم الشرع وأما لو طلب جميع الدائنين بقاء ديونهم مؤجلة كأن لهم ذلك. ولو حكم القاضى بافلاس شخص غائب والحجر عليه وحلول ما عليه من الدين المؤجل ثم قدم المديون موسرا فان الحكم بحلول الدين المؤجل عليه لا ينقص ولا يرد الى الأجل الذى كان مؤجلا.

واختار بعض القرويين عدم حلول الدين الذى كان مؤجلا عليه فى هذه الصورة ورده الى الاجل الذى كان مؤجلا له، لأن الغيب كشف خلاف ما حكم به القاضى فصار كحكم تبين خطؤة.

قال ابن عبد السّلام: الاول أقرب، وهو ظاهر قول أصبع لأن القاضى حين قضى بافلاسه كان مجوزا لما قد ظهر من اليسار. وأيضا فهو حكم واحد وقد وقع الاتفاق على أن من قبض شيئا من دينه المؤجل لا يرد ذلك اذا قدم الغائب موسرا فكذلك من بقى.

وذهب السيورى الى أن الدين المؤجل لا يحل بافلاس المديون مطلقا، سواء كان حاضرا أو غائبا.

وقال اللخمى: القياس أنه ان أتى المفلس بكفيل أن يبقى دينه المؤجل لأجله، لأن تعجيله انما هو لخوف ألا يكون له عند حلول الأجل شئ.

وهذا كله فى الدين الذى على المفلس.

وأما الدين الذى له على آخر فانه الى أجله ولا يحل بالحكم بافلاسه. وان كان المفلس قد شرط‍ أن الدين المؤجل له يحل بافلاسه فالظاهر أنه يعمل بشرطه ويحل وذلك اذا كان الشرط‍ غير واقع فى صلب عقد البيع مثلا فان وقع فى صلب البيع فالظاهر فساد البيع لأنه آل أمره الى البيع بأجل مجهول.

وهذا كله مما يترتب على الافلاس الخاص. أما الافلاس العام فلا يحل الدين المؤجل به ولو مع تمكين المفلس للدائنين من بيع ماله وقسمته. ومثل الافلاس فى ذلك الموت على المشهور ومقابله أن الدين المؤجل لا يحل بهما. (٤)


(١) حاشية ابن عابدين على الدر المختار ج ٥ ص ٩٩ الطبعة السابقة
(٢) الفتاوى الهندية ج ٥ ص ٦٤ الطبعة السابقة
(٣) الجوهرة على مختصر القدورى ج ١ ص ٢٤٨ الطبعة الاولى طبع المطبعة الخيرية سنة ١٣٢٢ هـ‍
(٤) شرح الخرشى ج ٥ ص ٢٠٧، ٢٠٨ وحاشية الدسوقى ج ٣ ص ٢٦٥، ٢٦٦ والشرح الصغير ج ٢ ص ١٤١