للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اعْتُبر حالُ قدومه فيعمل عليه إن جُهل حال خروجه، فإن قدم معسرًا فالقول قوله بيمينه وإلا فقولها بيمينها، فإن عُلم حالُ خروجه عومل عليه حتى يتبين خلافه، ونفقة الأبوين والأولاد في هذا كالزوجة، وإن تنازعا بعد قدومه في إرسال النفقة لها أو في تركها عند السفر؛ فالقول قولها بيمينها إن رفعت أمرها في غيبته من يومئذٍ لحاكم، ويكون القول قولها من يوم الرفع له لا من يوم سفر زوجها، أما إن رفعت لعدوه وجيرانه مع تيسر الحاكم فلا يُقبل قولها، وإن لم ترفع أصلًا أو رفعت لا لحاكم مع تيسر الرفع له فقوله في الإرسال بيمينه، وهذا فيمن في العصمة، وأما المطلقة - ولو رجعيًا - فالقول قولها مطلقًا كالحاضر يدعى أنه كان ينفق أو يدفع ذلك في زمنه فأنكرت، فالقول له بيمين اتفافًا، والكسوة في ذلك كله كالنفقة، وإن تنازعا فإن القول قوله من يوم السفر قبل الرفع (١).

[مذهب الشافعية]

أولًا: إنكار أصل النكاح:

جاء في (المهذب): أنه إن كان للمرأة وليان، وأذنت لكل واحد منهما في تزويجها فزوجها كل واحد منهما من رجل نظر، فإن كان العقدان في وقت واحد، أو لم يعلم متى عقد. أو علم أن أحدهما قبل الآخر ولكن لم يعلم لمن السابق منهما بطل العقدان؛ لأن لا مَزْيّة لأحدهما على الآخر، وإن علم السابق ثم نسى وقف الأمر؛ لأنه قد يتذكر. وإن علم السابق وتعين فالنكاح هو الأول، والثانى باطل؛ لما روى سمرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيما امرأة زوجها وليان، فهى للأول منهما" (٢)، فإن ادعى كل واحد من الزوجين أنه هو الأول، وادَّعيا علم المرأة به فإن أنكرت العلم فالقول قولها مع يمينها؛ لأن الأصل عدم العلم، وإن أقرت لأحدهما سلمت إليه، وهل تحلف للآخر؟ فيه قولان: أحدهما: لا تحلف؛ لأن اليمين تعرض على المنكر حتى يقر ولو أقرت للثانى فيما أقرت للأول لم يُقبل ولم يكن في تحليفها له فائدة. والقول الثاني: تحلف؛ لأنها ربما نكلت وأقرت للثانى فيلزمها المهر، فعلى هذا إن حلفت سقطت دعوى الثاني، وإن أقرت للثانى لم يقبل رجوعها، ويجب عليها المهر الثاني، وإن أنكرت رددنا اليمين على الثاني، فإن لم يحلف استقر النكاح للأول، وإن حلف حصل مع الأول إقرار، ومع الثاني يمين ونكول المدعَى عليه، فإن قلنا: إنه كالبينة حُكِم بالنكاح للثانى؛ لأن البينة تُقَدم على الإقرار، وإن قلنا: إنه بمنزلة الإقرار - وهو الصحيح - ففيه وجهان: أحدهما: يُحكم ببطلان النكاحين؛ لأن مع الأول إقرار ومع الثاني ما يقوم مقام الإقرار فصار كما لو أقرت لهما في وقت واحد، والوجه الثاني: أن النكاح للأول؛ لأنه سبق الإقرار له فلم يبطل بإقرار بعده، ويجب عليه المهر للثانى كما لو أقرت للأول ثم أقرت للثانى (٣).

ثانيًا: إنكار بعض شروط النكاح:

جاء في (المهذب): إذا اختلف الزوجان فقالت


(١) الشرح الكبير: ٢/ ٥٢٠ - ٥٢٢.
(٢) سنن أبى داود كتاب النكاح، باب إذا أنكح الوليان. وسنن الترمذى. كتاب النكاح باب ما جاء في الوليين يزوجان. وسنن النسائي. كتاب البيوع باب الرجل يبيع السلعة فيستحقها مستحق.
(٣) المهذب: للشيرازى: ٢/ ٣٩ - ٤٠.