للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزوجة: عقدنا بشاهدين فاسقين، وقال الزوج: عقدنا بعدلين ففيه وجهان: أحدهما: أن القول قول الزوج؛ لأن الأصل بقاء العدالة، والوجه الثاني: أن القول قول الزوجة؛ لأن الأصل عدم النكاح، وإن تصادقا على أنهما تزوجا بولى وشاهدين وأنكر الولى والشاهدان لم يُلتفت إلى إنكارهم؛ لأن الحق لهما دون الولى والشاهدين (١).

وجاء في موضع آخر: أنه إذا أسلم الوثنيان قبل الدخول ثم اختلفا فقالت المرأة: أسلم أحدنا قبل صاحبه فانفسخ النكاح، وقال الزوج: بل أسلمنا معًا، فالنكاح على حاله، ففيه قولان: أحدهما: أن القول قول الزوج وهو اختيار المزنى؛ لأن الأصل بقاء النكاح، والقول الثاني: أن القول قول المرأة؛ لأن الظاهر معها فإن اجتماع إسلامهما حتى لا يسبق أحدهما الآخر متعذر، قال الشافعي في (الأم): إذا أقام الزوج بينة أنهما أسلما حين طلعت الشمس أو حين غربتة الشمس، لم ينفسخ النكاح؛ لاتفاق إسلامهما في وقت واحد، وهو عند تكامل الطلوع أو الغروب، فإن أقام البينة أنهما أسلما حال طلوع الشمس أو حال غروبها انفسخ نكاحهما؛ لأن حال الطلوع والغروب من حين يبتدئ بالطلوع والغروب إلى أن يتكامل، وذلك مجهول.

وإن أسلم الوثنيان بعد الدخول واختلفا فقال الزوج: أسلمت قبل انقضاء عدتك فالنكاح باقٍ، وقالت المرأة: بل أسلمت بعد انقضاء عدتى فلا نكاح بيننا، فقد نص الشافعي - رحمه الله تعالى - على أن القول قول الزوج، ونص في مسألتين على أن القول قول الزوجة: إحداهما: إذا قال الزوج للرجعية: راجعتك قبل انقضاء العدة فنحن على النكاح، وقالت الزوجة: بل راجعتنى بعد انقضاء العدة فالقول قول الزوجة. والمسألة الثانية: إذا ارتد الزوج بعد الدخول ثم أسلم فقال: أسلمت قبل انقضاء العدة فالنكاح باقٍ، وقالت المرأة: بل أسلمت بعد انقضاء العدة فالقول قول المرأة، فمن أصحابنا من نقل جواب بعضها إلى بعض، وجعل في المسائل كلها قولين: أحدهما: أن القول قول الزوج؛ لأن الأصل بقاء النكاح، والقول الثاني: أن القول قول الزوجة؛ لأن الأصل عدم الإسلام والرجعة، ومنهم من قال: هي على اختلاف حالين فالذى قال: إن القول قول الزوج إذا سبق بالدعوى، والذي قال: القول قول الزوجة إذا سبقت بالدعوى؛ لأن قول كل واحد منهما مقبول فيما سبق إليه، فلا يجوز إبطاله بقول غيره. ومنهم من قال: هي على اختلاف حالين على وجه آخر فالذى قال: القول قول الزوج، أراد إذا اتفقا على صدقه في زمان ما ادعاه لنفسه بأن قال: أسلمت وراجعت في رمضان، فقالت المرأة: صدقت لكن انقضت عدتى في شعبان، فالقول قول الزوج باتفاقهما على الإسلام بالرجعة في رمضان واختلافهما في انقضاء العدة، والذي قال: القول قول المرأة إذا اتفقا على صدقها في زمان ما ادعته لنفسها بأن قالت: انقضت عدتى في شهر رمضان، فقال الزوج: لكن راجعتُ أو أسلمت في شعبان، فالقول قول المرأة لاتفاقهما على انقضاء العدة في رمضان، واختلافهما في الرجعة والإسلام (٢).


(١) المهذب ٢/ ٤٠ - ٤١.
(٢) المهذب: ٢/ ٥٤ - ٥٥.