للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الناس أنى لم أجعل لهذا المكان أن أكون خيركم .. ولوددت أن بعضكم كفانيه .. ولئن أخذتمونى بما كان الله يقيم به رسوله من الوحى ما كان ذلك عندى .. وما أنا إلا كأحدكم .. فإذا رأيتمونى قد استقمت فاتبعونى .. وإن زغت فقومونى .. أطيعونى ما أطعت الله ورسوله فيكم .. فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لى عليكم" فهو يدعو الناس إلى تقويمه إن مال عن النهج القويم نهج الله ورسوله .. وإلى خلع طاعته وإعلان العصيان إن عصى الله ورسوله ..

وكذلك يروى عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه خطب في المسلمين بعد توليه الخلافة فدعا الناس إلى تقويم اعوجاجه إن رأوا فيه اعوجاجا ويجيبه واحد من الناس بقوله: والله لو رأينا فيك اعوجاجا لقومناه بسيوفنا ويقر عمر العظيم هذا القائل على شهر السلاح في وجه أمير المؤمنين لتقويم اعوجاجه ويحمد الله على أن جعل في المسلمين من يقوِّم اعوجاج عمر بالسيف. ودعاهم كذلك إلى خلع طاعته والخروج عليه بالعصيان إن عصى الله ورسوله فيهم ..

ويروى مثل هذا وذاك عن بقية الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب رضى الله عنهم أجمعين ..

ويلحق بما قاله العلماء والمتكلمون في هذا الباب ما قاله الأستاذ الشيخ محمد عبده في كتابه الإِسلام والنصرانية: "ثم هو - الخليفة - مطاع ما دام على المحجة ونهج الكتاب والسنة والمسلمون له بالمرصاد ..

فإذا انحرف عن النهج أقاموه عليه وإذا اعوج قوموه بالنصيحة والإِعذار إليه ..

فالأمة أو نائب الأمة هو الذي ينصبه ..

والأمة هي صاحبة الحق في السيطرة عليه .. وهى التي تخلفه متى رأت ذلك من مصلحتها فهو حاكم مدنى من جميع الوجوه.

وليس في الإسلام سلطة دينية سوى سلطة الموعظة الحسنة والدعوة إلى الخير والتنفير من الشر وهى سلطة خولها الله لأدنى المسلمين يقرع بها أنف أعلاهم كما خولها لأعلاهم يتناول بها من هو أدناهم ..

[هل للخلافة مدة محددة]

لم يحدد نظام الحكم في الإسلام مدة معينة لبقاء الخليفة في منصبه يعتزل بعد منصب الخلافة ليهيئ للأمة فرصة جديدة للإعراب عن رأيها فيمن تختاره لهذا المنصب على ضوء تجارب السنين الماضية وماجرى فيها من أحداث وتم فيها من خطوات وإنجازات في كل نواحى العمل ..

بل الأمر على العكس من ذلك .. تفيد النصوص والأقوال التي ذكرها العلماء والمتكلمون في هذا الباب أن الخليفة. يبقى في منصبه ما دام صالحا للعمل وقادرًا عليه وما دام سائرًا على نهج قويم في ظل كتاب الله الكريم وسنة نبيه الشريفة - صلى الله عليه وسلم -.

وقد سبق أن نقلنا عن شرح المقاصد للسعد التفتازانى قوله: "ولا يجوز خلع الإِمام بلا سبب لو خلعوه لم ينفذ .. وإن عزل نفسه .. فإن كان لعجز عن القيام بالأمر إنعزل وإلا فلا. " وقوله: "ينحل عقد الإِمامة بما يزول به مقصود الإِمامة" كالردة والجنون المطبق والأسر الذي لايرجى منه الخلاص .. والمرض الذي ينسيه العلوم والعمى والصمم والخرس ..