للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم طرأ عليه اعسار - بغير تلف المال - ولو قبل التمكن من أدائها فانها تصير دينا فى ذمته لا تسفط‍ عنه لتقررها عليه وقت الوجوب، ويجبر على التكسب حينئذ ان كان قادرا عليه ليؤديها، وان كان له مسكن أو غيره فانه يباع عليه فيها لأنها بعد الثبوت التحقت بالديون.

أما ان كان الاعسار بها بسبب تلف المال أو هلاكه قبل التمكن من أدائها فانها تسقط‍ عنه كما فى زكاة المال.

وان أعسر الزوج بزكاة الفطر عن زوجته - غير الناشز - وقت الوجوب ففى أحد قولى الشافعى: أنه يلزم الزوجة أن تخرجها عن نفسها اذا كانت موسرة بها.

وفى القول الآخر: أنها تسقط‍ عنها ولا يلزمها اخراجها عن نفسها بل يستحب لها أن تفعل ذلك تطهيرا لها ولا ترجع بها على الزوج لو أيسر بعد ذلك (١).

[مذهب الحنابلة]

ان أعسر الشخص لتلف المال الذى وجبت فيه الزكاة بعد الحول فلا تسقط‍ سواء فرط‍ فيه أو لم يفرط‍، وسواء تمكن من الأداء أو لم يتمكن لأنها حق الآدمى (٢) أو مشتملة عليه فأشبهت دين الآدمى ولاستقرارها بمضى الحول.

وفى رواية تسقط‍ عنه الزكاة ولا يضمنها ان أعسر لتلف ماله بعد الحول بدون تفريط‍ منه واختار هذا طائفة من أصحاب أحمد (٣).

ويستثنى من عدم سقوطها على الرواية الأولى ما اذا أعسر لتلف الزرع أو الثمر بجائحة قبل حصاده وجذاذه أو بعدهما قبل احرازهما فانه تسقط‍ زكاته لعدم استقرارها قبل ذلك (٤).

وهذا فى زكاة المال.

أما زكاة الفطر فان أعسر الشخص بها وقت وجوبها عليه وهو غروب شمس ليلة عيد الفطر فلا تجب عليه وان كان موسرا قبله أو أيسر بعده لعدم وجود سبب الوجوب وان كان موسرا وقت وجوبها ثم أعسر ليلة الفطر قبل أدائها فانه يجب عليه اخراجها ولا تسقط‍ عنه ويقضيها متى أيسر، لاستقرارها فى ذمته والاعسار بزكاة الفطر يتحقق فى كل من لا يملك يوم العيد وليلته صاعا من طعام فاضلا عن قوته وقوت عياله وما يحتاجه لنفسه وليس تلزمه مؤتته من مسكن ودابة وخادم ونحوه.

ومن أعسر بزكاة الفطر وقت وجوبها عليه ثم أيسر فأداها فقد أحسن. وان أعسر زوج


(١) شرح المحلى على المنهاج بحاشيتى قليوبى وعميره ج ٢ ص ٣٣، ٣٥ تحفة المحتاج ج ١ ص ٣٧٨، ٣٧٩، اسنى المطالب ج ١ ص ٣٨٨، ٣٨٩ طبعة المطبعة الميمنية سنة ١٣١٣ هـ‍
(٢) كشاف القناع وشرح المنته بهامشه ج ١ ص ٤٣٢، ٤٣٤، ٤٥٩ الطبعة الاولى المطبعة الشرفية سنة ١٣١٩ هـ‍.
(٣) الاختيارات العلمية لابن تيمية ج ١ ص ٥٨ طبع مطبعة كردستان العلمية سنة ١٣٢٩ هـ‍
(٤) كشاف القناع وشرح المنته عليه ج ١ ص ٤٥٩