فاذا أقر بمجهول من ذلك فانه يتحتم على المقر أن يفسره بما أحب مما يقضى به العرف ..
ويقدم فى التفسير عرف المقر ثم عرف بلده ثم عرف منشئه كما فى الايمان. ويحلف على القطع أنه كذلك. ولا ترد هذه اليمين. وأقل ما يقبل فى التفسير ما يتموله ولو فلسا لا غيره كقشر البيض أو نحوه. فيصح لكل ما ينتفع به من عين كالكلب أو حق كالشفعة والرد بالعيب أو وديعة. فأن فسر بالسلام أو جواب كتاب أو حد قذف لم يقبل اذ ليس بمال ولا يؤول اليه ولو امتنع من التفسير أو من اليمين كلف ذلك قسرا. فان تمرد من التفسير أجبر عليه بحبس أو غيره لأنه لما أقر مختارا غير مكره لزمه باقراره حق. واذا لزم الحق صح اجباره على تعيينه بعد لزومه اذ الاجبار على مثل ذلك يصح .. هذا حيث لم يدع المقر له مالا معلوما والا فامتناعه عن اليمين يكون نكولا فيحكم عليه. فان مات ولا وارث له عين الحاكم الأقل ولا يمين عليه ..
واذا مات المقر بالمجهول فأنه يصدق وارثه حيث لا وصى. والا فسر بغالب ظنه وتلزمه اليمين ولا ترد كالمقر. وتكون على العلم. فان لم يكن له قصد ولم يعرف الوارث ما قصد وحلف ما غلب فى ظنه شئ - رجع فى تفسيره الى نظر الحاكم.
فان قال المقر: عندى له أو معى له مال كثير أو نحو ذلك كعظيم أو جليل أو خطير.
أو قال كقول العوام: له عندى من الحمد الى البقرة. أو من الذرة الى الفيل. فهو اسم لنصاب جنس فسر به من أى مال من الأنعام أو الذهب أو الفضة أو الحبوب أو غيرها، لا دونه. فلا يقبل تفسيره بدون النصاب من الجنس الذى يفسر به … وهناك فرق بين لفظ (على له) ولفظ (عندى له ..
أو معى له). فان قال: على له مال كثير وفسره بنصاب من الابل أو نحوها مما لا يثبت فى الذمة لم يقبل مع عدم العرف لأن ثبوت ذلك فى الذمة نادر. فلو فسره بخمسة أوسق قبل لأن ذلك يثبت فى الذمة .. وان قال:
عندى له أو معى له مال كثير قبل تفسيره بنصاب من أى جنس كان ولو مما لا يثبت فى الذمة او لا نصاب له نحو أن يفسر المال الكثير برأس من الخيل فانه يقبل اذا كانت قيمتها نصاب .. ومثل هذا الحكم يثبت فى الوصية والنذر والخلع لأن كلها تقبل الجهالة سواء كانت جهالة كلية أو بعضية بخلاف المهر فأنه لا يقبل الا نوع جهالة … واذا قال المقر:
له على أكثر مما فى يد زيد أو أكثر من مال زيد ثم فسره بأقل من مال زيد هذا قبل قوله مع يمينه لاحتمال انه اراد أكثر من مال زيد فى البركة .. أى ان قال أكثر من مال زيد قدرا أو عددا فانه لا يقبل منه التفسير الا بأكثر منه فى النذر أو العدد والقول قوله فى قدر مال زيد مع يمينه. والبينة على المقر له فى الزيادة فيه (١).
[انواع من الاقرار]
واذا قال المقر: عندى له. أو على له - غنم كثيرة ونحو ذلك - فدراهم كثيرة أو ابل كثيرة أو بقر كثيرة .. كان ذلك لعشر من الجنس الذى ذكره لا دونها اذ لا بد للكثرة من فائدة زائدة على مطلق الجمع .. والجمع لثلاثة فصاعدا .. فاذا قال: على له دراهم أو عندى له ثياب فانه لا يقبل تفسيره بدون الثلاثة
(١) شرح الأزهار ج ٤ ص ١٧٩، ١٨٠ والتاج المذهب ج ٤ ص ٥٨، ٥٩.