للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى أن عقربا لدغ الرسول صلّى الله عليه وسلم فى الصلاة فوضع عليه نعله وغمزه حتى قتله فلما فرغ من صلاته قال لعن الله العقرب لا تبالى نبيا ولا غيره أو قال مصليا ولا غيره وبه تبين أنه لا يكره أيضا.

لأنه صلّى الله عليه وسلّم ما كان ليفعل المكروه خصوصا فى الصلاة ولأنه يحتاج اليه لدفع الأذى فكان موضع الضرورة هذا اذا أمكنه قتل الحية بضربة واحدة كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فى العقرب وأما اذا احتاج الى معالجة وضربات فسدت صلاته كما اذا قاتل فى صلاته لأنه عمل كثير ليس من أعمال الصلاة.

وذكر شيخ الاسلام السرخسى أن الأظهر أنه لا تفسد صلاته لأن هذا عمل رخص فيه للمصلى فأشبه المشى بعد الحدث والاستقاء من البئر والتوضؤ هذا الذى ذكرناه من العمل الكثير الذى ليس من أعمال الصلاة اذا عملها المصلى فى الصلاة من غير ضرورة فأما فى حالة الضرورة فأنه لا يفسد الصلاة.

كما فى حالة الخوف واذا فسدت الصلاة وجب اعادتها مادام الوقت باقيا لأنها اذا فسدت التحقت بالعدم فبقى وجوب الأداء فى الذمة فيجب تفريغها عنه بالأداء.

[مذهب المالكية]

جاء فى شرح منح الجليل: أن سقوط‍ النجاسة على المصلى مبطل لصلاته ان تعلقت به أو استقرت عليه واتسع الوقت ووجد ما يزيلها به أو وجد ثوبا آخر.

وذلك كأن رعف المصلى (١). قبل دخول الصلاة واستمر الدم خارجا من الأنف وتحقق أو ظن انقطاعه فى الوقت المختار أو شك فيه آخر الصلاة وجوبا فى هذه التسع صور لآخر الوقت الاختيارى فان انقطع غسله وصلى.

وان لم ينقطع صلى بالدم فى آخر المختار ولعجزه عن ازالته بحيث يصليها كلها أو ركعة منها فيه ويحرم تقديمها قبل آخره لعدم صحتها بالدم مع تحفظه أو ظنه أو شكه فى انقطاعه فى الوقت وان تحقق أو ظن دوامه الآخر المختار فلا يؤخر الصلاة عن أول وقتها المختار لتفويته فصلاته بلا فائدة (٢).

وهذا وان حصل الرعاف فى الصلاة ولم يظن دوامه الآخر الوقت فله ثلاث حالات الأولى أن يكون يسيرا يذهبه الفتل بل يكون الدم يرشح لا يسيل ولا يقطر فهذا لا يجوز له قطع الصلاة ولا أن يخرج منها فان قطع أفسد صلاته وان كان اماما أفسده عليه وعلى المأمومين بل يفتله بأصابعه وكيفية فتله أن يجعل أنملة الأصبع فى أنفه ويحركها مديرا لها واختلف فى الفتل هل هو باليدين جميعا وهو ظاهر المدونة وصرح به أبو الحسن الصغير رحمه الله تعالى ووقع فى بعض نسخ الشار مساحى أو بيد واحدة.

وهو الذى حكاه الباجى عن مالك رحمهما الله تعالى.

وذكر خليل أن الفتل انما يؤمر به فيما اذا كان يرشح فقط‍ أما اذا سال أو قطر فلا ولو كان الدم الذى يسيل ثخينا يذهبه الفتل وكأنه اعتمد كلام اللخمى رحمه الله تعالى فانه قال الرعاف أربعة أقسام يسير يذهبه الفتل وكثير لا يذهبه الفتل ولا يرجى انقطاعه حتى لو حرج لغسله لعادة علمها من نفسه فهذا ان لا يخرجان من الصلاة يغتل هذا ويكف الآخر ما استطاع


(١) رعف بفتح العين وضمها وكذا مضارعه ويبنى للمفعول كزكم أى خرج دم من أنف مريد الصلاة سائلا كالخيط‍ أو قاطرا كالمطر أو راشحا كالعرق. يراجع شرح منح الجليل ج ١ ص ١٢٥
(٢) شرح منح الجليل ج ١ ص ١٢٥