للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحيوان فلو تراضيا على تعجيل الدين أو بعضه قبل حلول أجله أو على تأخيره بعد حلول أجله أو بعضه جاز ذلك كله وهو قول أبى سليمان وأصحابنا واستدل على ذلك بأن شرط‍ الأجل قد صح بالقرآن والسنة فلا يجوز إبطال ما صححه الله تعالى: وقال فى موضوع الكتابة (١) وإذا كانت الكتابة نجمين فصاعدا أو لأجل فأراد العبد تعجيلها كلها أو تعجيل بعضها قبل أجله لم يلزم السيد قبول ذلك ولا عتق العبد وهى إلى أجلها وكل نجم منها الى أجله لقوله تعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» ولقول النبى صلى الله عليه وسلم: «المسلمون عند شروطهم».

[مذهب الزيدية]

يقول صاحب البحر الزخار (٢):

يجب قبض كل معجل مساو للدين أو زائد فى الصفة لإلزام عمر امرأة كاتبت عبدا قبول تعجيل العبد قبل النجوم ولم يخالفه أحد إلا مع خوف ضرر أو غرامة، وقد نقل الحادثة صاحب جواهر الأخبار فى حاشيته على البحر فقال (٣) روى أن امرأة كاتبت عبدا لها على ثلاثين ألف درهم منجمة فأتى العبد بالمال صبة واحدة فأبت المرأة أن تقبض المال إلا فى النجوم التى اشتراطتها، فجاء العبد إلى عمر فقال له: هات المال.

فصبه العبد كاملا، فوضعه عمر فى بيت المال وأطلق العبد من الرق وأرسل إلى المرأة أن مالها قد صار فى بيت المال تأخذه فى أى وقت شاءت. فقال: إن فى الحديث رواية أخرى تفيد أن الحادثة مع أنس بن مالك.

ونقل صاحب البحر فى باب السلم (٤) عن الهادى أنه يجوز قبول ما يحمل لتبرأ ذمة المعجل فإن امتنع فوجهان: قيل يجبره الحاكم إذ هو حق عليه وقيل لا بل يقبضه إلى بيت المال حتى يقبله لفعل عمر ذلك وقد نسب هذا إلى بعض أصحاب الشافعى وقال:

إنه قوى.

[مذهب الإمامية]

جاء فى الروضة البهية (٥) البائع بتأخير يجب قبض الثمن لو دفعه إلى البائع مع الحلول مطلقا وفى الأجل أى بعده لا قبله لأنه غير مستحق حينئذ وجاز تعلق غرض البائع بتأخير القبض إلى الأجل فإن الأغراض لا تنضبط‍.

[موت أحد المتداينين والحجر على المدين]

يرى الأحناف أن الأجل يسقط‍ بموت المدين. قال الكاسانى (٦): لو مات المسلم إليه قبل الأجل حل الدين، وكذا كل دين مؤجل سواه إذا مات من عليه الدين والأصل فى هذا أن موت من عليه الدين يبطل الأجل وموت من له الدين لا يبطل لأن الأجل حق المدين لا حق صاحب الدين فتعتبر حياته وموته فى الأجل وبطلانه. وفى الأشباه والنظائر لابن نجيم (٧) إن الأجل يحل بموت المدين ولو حكما باللحاق مرتدا بدار الحرب


(١) ج‍ ٩ ص ٢٩٩ المسألة ١٧٠١.
(٢) ج‍ ٣ ص ٣٩٤.
(٣) مطبوع مع البحر ج‍ ٣ ص ٣٩٤.
(٤) ج‍ ٣ ص ٤٠١.
(٥) ج‍ ١ ص ٣٣٤.
(٦) بدائع الصنائع ج‍ ٥ ص ٢١٣ ومثله فى الدر للحصكفى مطبوع بهامش ابن عابدين ج‍ ٤ ص ٢٥، وفى مجمع الأنهر على ملتقى الأبحر ج‍ ٢ ص ٨ وفى درر الحكام وشرحه غرر الأحكام ج‍ ٢ ص ١٤٦.
(٧) ج‍ ٢ ص ٢١٢ طبع القاهرة سنة ١٢٩٠ هـ‍.