للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلو تعمد المؤذن أن لا يرفع صوته لم يجزه أذانه، وان لم يقدر على أكثر الا بمشقة لم يلزمه لقول الله تعالى:

{لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها} (١) وقال النبى صلى الله عليه وسلم: اذا نودى بالصلاة أدبر الشيطان له ضراط‍ حتى لا يسمع التأذين «فالاجتهاد فى طرد الشيطان فعل حسن» (٢).

[مذهب الزيدية]

جاء فى شرح الأزهار أنه يستحب للمؤذن أن يرسل الأذان ويحدر الاقامة ولا يفسدان بترك الجهر بهما لأن الواجب فى الأذان التلفظ‍، أما اظهار الصوت فمستحب.

وقال الفقيه يحيى بن أحمد ذكر بعض أصحاب الشافعى انه ان لم يجهر بالأذان لم يعتد به وهذا لا يبعد على مذهب الأئمة لأن الجهر هو المعهود وقت الرسول صلى الله عليه وسلم (٣).

[مذهب الإمامية]

جاء فى شرائع الاسلام أنه يستحب فى الأذان أن يرفع الصوت به اذا كان المؤذن ذكرا وكل ذلك يتأكد فى الاقامة (٤).

[مذهب الإباضية]

جاء فى شرح النيل وشفاء العليل: أنه يندب للمؤذن أن يسمع الناس بأذانه وأن يمد صوته به ابتغاء ما عند الله (٥).

وأما الاقامة فيرفع فيها صوته ويعيد ان أسر (٦).

[حكم أعلان الجهاد]

[مذهب الحنفية]

جاء فى بدائع الصنائع: أن العدو اذا لم تكن الدعوة قد بلغته فيجب على الغزاة المسلمين أن يفتتحوا الوقعة ولقاء العدو بالدعوة الى الاسلام باللسان لقول الله تبارك وتعالى:

«اُدْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ٧».

ولا يجوز لهم القتال قبل الدعوة لأن الايمان وان وجب عليهم قبل بلوغ الدعوة بمجرد العقل فاستحقوا القتل بالامتناع لكن الله تبارك وتعالى حرم قتالهم قبل بعث الرسول صلى الله عليه وسلم وبلوغ الدعوة اياهم فضلا منه ومنة قطعا لمعذرتهم بالكلية وان كان لا عذر لهم فى الحقيقة لما أقام سبحانه وتعالى من الدلائل العقلية التى لو تأملوها حق التأمل ونظروا فيها لعرفوا حق الله تبارك وتعالى عليم لكن تفضل عليهم بارسال الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين لئلا يبقى لهم شبهة عذر فيقولون:

ربنا لولا أرسلت الينا رسولا فتتبع آياتك.

وان لم يكن لهم أن يقولوا ذلك فى الحقيقة لما بينا ولأن القتال ما فرض لعينه بل للدعوة الى الاسلام والدعوة دعوتان دعوة بالبنان وهى القتال ودعوة بالبيان وهو اللسان وذلك بالتبليغ والثانية أهون من الأولى لأن فى القتال مخاطرة بالروح والنفس والمال وليس فى دعوة التبليغ شئ من


(١) الآية رقم ٢٨٦ من سورة البقرة.
(٢) المحلى لابن حزم الظاهرى ج‍ ٣ ص ١٤٠ مسئلة رقم ٣٢٣ الطبعة المتقدمة.
(٣) شرح الأزهار المنتزع من الغيث المدرار وهامشه ج‍ ١ ص ٢٢٤ لأبى الحسن عبد الله بن مفتاح الطبعة الثانية طبع مطبعة حجازى بالقاهرة سنة ١٣٥٧ هـ‍.
(٤) شرائع الاسلام للمحقق الحلى ج‍ ١ ص ٥٠ - ٥١ الطبعة المتقدمة.
(٥) شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف أطفيس ج‍ ١ ص ٣٢٣ الطبعة السابقة.
(٦) المرجع السابق ج‍ ١ ص ٢٢٧ الطبعة السابقة.
(٧) الآية رقم ١٢٥ من سورة النحل.