للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انما أقيد به لحصول المساواة المعتبرة للقود فوجب أن يقاد به فيما دونها فلو قطع مسلم يد مسلم قطعت يده لانه يقاد به فى النفس ومن لا يجرى القصاص بينهما فى النفس لا يجرى بينهما فى الأطراف كالاب مع ابنه وكالحر مع العبد وكالمسلم مع الكافر فلا تقطع يد الأب بيد ابنه ولا يد الحر بيد العبد ولا يد المسلم بيد الكافر لأنه لا يقاد به فى النفس (١).

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى أنه ان قتل مسلم عاقل بالغ ذميا أو مستأمنا عمدا أو خطأ فلا قود عليه ولا دية ولا كفارة ولكن يؤدب فى العمد خاصة ويسجن حتى يتوب كفا لضرره.

برهان ذلك قول الله تعالى: «وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلاّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً» (٢). فهذا كله فى المؤمن بيقين والضمير الذى فى {(كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ)} راجع ضرورة لا يمكن غير هذا الى المؤمن المذكور أولا ولا ذكر فى هذه الآية لذمى أصلا ولا لمستأمن فصح يقينا ان ايجاب الدية على المسلم فى ذلك لا يجوز البتة، وكذلك ايجاب القود عليه ولا فرق (٣). ومن ثم وجب يقينا أن المسلم ليس كالكافر فى شئ أصلا ولا يساويه فى شئ فاذ هو كذلك فباطل أن يكافئ دمه بدمه أو عضوه بعضوه أو بشرته ببشرته فبطل أن يستقاد للكافر من المؤمن أو يقتص له منه فيما دون النفس اذ لا مساواة بينهما أصلا ولما منع الله عز وجل أن يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا بقوله سبحانه «وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً» (٤) وجب ضرورة أن لا يكون له عليه سبيل فى قود ولا فى قصاص أصلا ووجب ضرورة استعمال النصوص كلها اذ لا يحال ترك شئ منها.

[مذهب الزيدية]

جاء فى شرح الأزهار: وحواشيه أنه لا يقتص من حر لعبد ولا من مسلم لكافر انما الواجب فى العبد قيمته ما لم


(١) كشاف القناع عن متن الاقناع للامام الشيخ منصور بن ادريس الحنبلى ج ٣ ص ٢٧٣ الطبعة السابقة.
(٢) الآية رقم ٩٢ من سورة النساء.
(٣) المحلى لابن حزم الأندلسى ج ١٠ ص ٣٤٧، ٣٤٨ مسألة رقم ٢٠٢١ الطبعة السابقة.
(٤) الآية رقم ١٤١ من النساء.