المال الذى حيل بينه وبين مالكه قائما ميسور الرد اذ الواجب حينئذ هو رد المال الى صاحبه باتفاق المذاهب وليس لصاحبه ان يطالب بقيمته واذا أعطيت القيمة فى هذه الحال ملكها صاحب المال ملك قرض وانتفع بها انتفاع القرض وعليه ردها اذا رد اليه المال وان حل له أخذها منعا للضرر عنه بسبب عدم انتفاعه بماله - واما اذا تعذر رد المال الى صاحبه بسبب من الأسباب مع بقائه فانها عندئذ تكون سببا لتضمين والزام الحائل بأداء القيمة الى صاحب المال (١) وفى تفصيل أحكامها يرجع اليها فى (مصطلح حيلولة).
[سادسا: الغرر]
ويريد به الفقهاء الحمل على قبول مالا خير فيه بوسيلة كاذبة ترغب فيه ويظهر منها أن فيه المصلحة ولو عرفت حقيقته ما قبل.
والغرر قد يكون بالقول وقد يكون بالفعل فيكون فى العقود فيقبل الانسان عقدا يحسب ان مصلحته فى انشائه أو قبوله فانه خال من الغبن ثم يتبين له أنه قد خدع فيه وأنه على خلاف ما ظن وما كان يرغب فيه ويكون فى الأفعال كما فى الحمل على سلوك طريق على ظن أنه أمن أو على مباشرة فعل ظن أنه غير محظور ثم يتبين أنه على خلاف ذلك.
والذى يقينا من الغرر ما يؤدى بالمغرور الى اتلاف مال على ظن أن له حق اتلافه أو الى احداث ما يتسبب عنه تلف مال لشخص لآخر أو الى قبول المغرور أن يوجد فى مركز يعرضه للالتزام بضمان تلف لم يكن يلزمه لولا وجوده فى هذا المركز استجابة لغروره. ومن أمثلة ذلك:
١ - أن يأمر حائز لشاة غيره بذبحها لحاجة الى لحمها فيذبحها المأمور على ظن أنه مالكها بناء على وضع يده عليها ثم يتبين أنها ليست له.
٢ - أن يستأجر شخص أجيرا لبناء جدار فى فناء داره فيسقط الجدار بعد الفراغ من بنائه على حيوان الانسان فيتلفه ثم تبين أن المؤجر لم تكن له الدار ولا فناؤها - وفى هذه الصورة يرجع الأجير على مؤجره بما غرم.
٣ - أن يودع شخص مالا عند آخر فيتلف المال تحت يد الوديع ثم يظهر ان المال لم يكن لمودعه. ففى هذه الصورة يرجع الوديع على المودع بما ضمن.
٤ - أن يقول انسان لآخر اسلك هذا الطريق بمالك فانه طريق آمن لا خوف فيه فيسلكه فتسطوا اللصوص عليه ويغتصبوا ماله - وفى هذه الصورة اذا ضمن له المال ضمنه عند تلفه فى الطريق والا لم يضمنه اذ لم يكن عليه أن يصدقه.
واختلف الفقهاء فى تضمين الغار قيمة ما تلف بسبب غروره فذهب الحنفية الى تضمينه فى ثلاث حالات:
(أ) أن يكون فى مال مقبوض يرجع نفعه الى القبض كالمال لدى الوديع، يتبين أن مودعه غير مالك له.
(١) الخرشى ج ٢ ص ١٥٤ ونهاية المحتاج ج ٥ ص ١٦٢ وكشاف القناع ج ٢ من كتاب الغصب الطبعات السابقة.