للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطعام. ثالثها يتخير بينهما. وان وجد المريض طعاما له أو لغيره يضره ولو بزيادة فى مرضه فله أن يأكل الميتة دونه. والأصح حيث لم يجد المضطر شيئا يأكله - تحريم قطع بعضه كجزء من فخذه لأكله لأنه قد يتولد من ذلك الهلاك، قال صاحب المنهاج - أخذا من الرافعى فى الشرح - الأصح أنه يجوز لأنه اتلاف بعضه لاستبقاء كله فأشبه قطع اليد بسبب الأكلة، وشرط‍ الجواز أمران.

أحدهما: فقد الميتة ونحوها مما مر.

والأمر الثانى: أن يكون الخوف فى قطعه أقل من الخوف فى ترك الأكل فان كان مثله أو أكثر حرم جزما ويحرم على مضطر أيضا أن يقطع لنفسه قطعة من حيوان معصوم (١).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى كشاف القناع: أن من اضطر الى محرم - سوى سم ونحوه مما يضر - بأن خاف على نفسه التلف أما من جوع أو يخاف ان ترك الأكل عجز عن المشى وانقطع عن الرفقة فيهلك أو يعجز عن الركوب فيهلك وجب عليه سواء كان فى الحضر أو السفر - أن يأكل من المحرم ما يسد رمقه ويأمن معه الموت لقول الله تبارك وتعالى:

«فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ.» (٢) وقوله عز شأنه:

«وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ.» (٣) وليس للمضطر أن يشبع من المحرم لأن الآية دلت على تحريم الميتة واستثنى ما اضطر اليه فاذا اندفعت الضرورة لم يحل الأكل كحالة الابتداء، كما يحرم ما فوق الشبع اجماعا ذكره فى الشرح والمبدع.

وقال الموفق وتبعه جماعة ان كانت الضرورة مستمرة جاز الشبع وان كانت الحاجة مرجوة الزوال فلا يشبع لعدم الحاجة وللمضطر أن يتزود من المحرم ان خاف الحاجة ان لم يتزود لأنه لا ضرر فى استصحابها ولا فى اعدادها لدفع ضرورته وقضاء حاجته ولا يأكل منها الا عند ضرورته فان تزود فلقيه مضطر آخر لم يجز له بيعه منه لأنه ليس بمال كبيعه من غيره، ويلزمه اعطاؤه منه بغير عوض ان لم يكن المتزود مضطرا فى الحال الى ما معه فلا يعطى غيره لأن الضرر لا يزال بالضرر ويجب على المضطر تقديم السؤال على أكله نص عليه وقال الشيخ رحمه الله تعالى: لا يجب تقديم السؤال ولا يأثم


(١) مغنى المحتاج الى معرفة ألفاظ‍ المنهاج للامام الشيخ محمد الشربينى الخطيب وبهامشه متن المنهاج للنووى ج ٤ ص ٢٨٤، ص ٢٨٥
(٢) الآية رقم ١٧٣ من سورة البقرة.
(٣) الآية رقم ١٩٥ من سورة البقرة.