للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كشف القاضى عن ماله فان وجد وفاء لم يفلس والا فلس، وهو المشهور. ولا يحتاج هذا الى حكم من القاضى. الثانية: التفليس العام وهو قيام الدائنين عليه قبل الحجر عليه ولهم فى هذه الحالة حبسه والحيلولة بينه وبين ماله ومنعه من جميع التصرفات حتى المالية منها كالبيع والشراء والأخذ والعطاء ولو بدون غبن وكذلك لهم منعه من التزوج ولو بامرأة واحدة من هذا المال الموجود فى يده كما يكون للدائنين حينئذ قسمة ماله بينهم بنسبة دين كل منهم. الا أن الدين المؤجل على المفلس لا يحل بذلك ولا يحتاج هذا التفليس ايضا الى حكم القاضى.

الثالثة: تفليسه تفليسا خاصا، وهو حكم القاضى بخلع مال المفلس للدائنين لعجزه عن قضاء ما لزمه من الديون وقد سبق تفصيل شروطه فى الحجر على المفلس وشرائطه اما ما يترتب عليه فسنذكره فى الفصل التالى وهو ما يترتب على الحكم بافلاس المفلس والحجر عليه (١).

[مذهب الشافعية]

المفلس قبل الحجر عليه بسبب افلاسه يصح تصرفه مطلقا حتى وان زادت الديون الحالة على ماله وطالبه الدائنون بها وامتنع من الأداء. كما يصح منه ان يقسم أمواله - اذا أراد بين الدائنين كيف شاء قال السبكى: لكن ينبغى اذا استووا وطالبوا حقهم على الفور ان تجب عليه التسوية بينهم وبينه ومع ذلك لو فاضل بينهم نفذ فعله لبقاء الحق فى ذمته وعدم تعلقه بعين ماله. وكذلك لا يحل الدين المؤجل عليه بلا خلاف (٢).

[مذهب الحنابلة]

كل ما فعله المفلس فى ماله قبل الحجر عليه من البيع والهبة والاقرار وقضاء بعض الدائنين ديونهم وغير ذلك فهو جائز نافذ ولو استغرق التصرف جميع ماله، لأنه من مالك جائز التصرف فينفذ تصرفه كغيره ولأن سبب المنع عن ذلك هو الحجر فلا يتقدم على سببه. الا أنه مع ذلك يحرم على المديون التصرف فى ماله بما يضر به بدائنه.

واختار الشيخ ابن تيميه: ان من ضاق ماله عن ديونه وطالبه الدائنون بها فلا ينفذ منه تصرف من ذلك ويصير محجورا عليه بغير قضاء القاضى به، قال: وهو رواية عن أحمد. كما ذكر ايضا ان من عليه نفقة واجبة فلا يملك التبرع بما يخل بالنفقة الواجبة قال وكلام احمد يدل عليه (٣).

[مذهب الظاهرية]

قال ابن حزم: اقرار المفلس بالدين قبل ان يقضى القاضى بماله للدائنين لازم مقبول ويدخل المقر له مع الدائنين لأن الاقرار واجب قبوله وليس لأحد ابطاله بغير نص قرآن أو سنة (٤).

[مذهب الزيدية]

للمفلس أن يتصرف فى ماله بعد افلاسه كل تصرف من بيع او هبة او وقف او قضاء احد الدائنين بجميع ماله او نحو ذلك ويكون هذا التصرف منه صحيحا نافذا اذا وقع قبل ان يصدر الحكم بالحجر عليه من القاضى ولو بعد مطالبته بالدين ورفع طلب الحجر عليه من الدائنين للقاضى الا انه يأثم اذا قضى بعض الدائنين بجميع ماله بعد مطالبة الباقين وكذلك لو اقر بسلعة او دين للغير صح اقراره ما لم يثبت انه اقر توليجا فلا حكم (٥) له.


(١) الشرح الكبير بحاشية الدسوقى ج ٣ ص ٢٦١، ٢٦٣ والشرح الصغير ج ٢ ص ١٣٨، ١٣٩ وشرح الخرش ج ٥ ص ٣٠٣، ص ٣٠٥
(٢) حاشية الباجورى ج ١ ص ٤٧٩ واسنى المطالب ج ٢ ص ١٩١ ونهاية المحتاج ج ٣ ص ٣١٩.
(٣) كشاف القناع ج ٢ ص ٢٠٩ والاختبارات لابن تيمية ج ١ ص ٨٠
(٤) المحلى ج ٨ ص ٦٤٥ مسألة رقم ١٢٨١
(٥) شرح الأزهار ج ٤ ص ٢٨٣