للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغسل لانها طاهر وليس ثم موجب ولانه دم علة وفساد فأشبه الخارج من الدبر - وقيل تطهر منه استحبابا - وهو المعتمد كما أشار له خليل بقوله لا باستحاضة وندب لانقطاعه - واليه رجع مالك - أى أنه كان يقول أولا لا تغتسل ثم رجع الى استحباب الغسل واختاره ابن القاسم صرح بذلك الحطاب وعلل الاستحباب بأنها لا تخلو من دم غالبا. والقولان فى المدونة، وقيل أنها تغتسل منه وجوبا على ظاهر نقل الباجى. وقال مالك مرة تغتسل ومرة ليس ذلك عليها. وقال ابن القاسم ذلك واسع (١).

[مذهب الشافعية]

عند الشافعية جاء فى المجموع مذهبنا أن طهارة المستحاضة الوضوء ولا يجب عليها الغسل لشئ من الصلوات الا مرة واحدة فى وقت انقطاع حيضها. وبهذا قال جمهور السلف والخلف .. وروى عن ابن عمر وعطاء بن أبى رباح رضى الله عنهم أنهم قالوا يجب عليها الغسل لكل صلاة وروى عن عائشة أنها قالت تغتسل كل يوم غسلا واحدا. ودليلنا ان الاصل عدم الوجوب فلا يجب الا ما ورد الشرع به، ولم يصح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه أمرها بالغسل الا مرة واحدة عند انقطاع الحيض وهو قوله صلى الله عليه وسلم «إذا أقبلت الحيضة فدعى الصلاة واذا أدبرت فاغتسلى» وليس فى هذا ما يقتضى تكرار الغسل.

وأما الاحاديث الواردة فى سنن ابى داود والبيهقى وغيرهما ان النبى صلى الله عليه وسلم أمرها بالغسل لكل صلاة فليس فيها شئ ثابت .. وانما صح فى هذا ما رواه البخارى ومسلم فى صحيحهما أن أم حبيبة بنت جحش رضى الله عنها استحيضت فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم .. انما ذلك عرق فاغتسلى ثم صلى» فكانت تغتسل عند كل صلاة قال الشافعى رضى الله عنه أنما أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتصلى وليس فيه أنه أمرها أن تغتسل لكل صلاة، قال ولا أشك ان غسلها «اى المتكرر» كان تطوعا غير ما أمرت به وذلك واسع لها هذا لفظ‍ الشافعى رضى الله عنه وكذا قاله شيخه سفيان بن عيينة والليث بن سعد وغيرهما (٢).

[مذهب الحنابلة]

نقل ابن قدامة مذاهب بعض الصحابة والتابعين فى حكم غسل المستحاضة وساق أحاديث فى ذلك ثم قال: وهذا يدل على أن الغسل المأمور به فى سائر الاحاديث مستحب غير واجب، والغسل لكل صلاة أفضل لما فيه من الخروج من الخلاف والاخذ بالثقة والاحتياط‍، وهو أشد ما قيل ثم يليه فى الفضل والمشقة الجمع بين


(١) كفاية الطالب الربانى وحاشية العدوى ج‍ ١ ص ١٣٠.
(٢) المجموع ج‍ ٢ ص ٥٣٥، ٥٣٦.