للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الناس فكان أولى فإن اجتمع جنائز رجال ونساء فعن أحمد روايتان إحداهما يسوى بين رءوسهم وهو اختيار القاضي لأنه يروى عن ابن عمر أنه كان يسوى بين رءوسهم. وروى سعيد بإسناده عن الشعبى أن أم كلثوم بنت على وابنها زيد بن عمر توفيا جميعا فأُخرجت جنازتاهما فصلى عليهما أمر المدينة فسوى بين رءوسهما وأرجلهما حين صلى عليهما. والرواية الثانية أن يقف الرجال صفا والنساء صفا ويجعل وسط النساء عند صدور الرجال وهذا اختيار أبى الخطاب ليكون موقف الإمام عند صدر الرجل ووسط المرأة. وقال سعيد: حدثنى خالد بن يزيد عن أبى مالك الدمشقى قال: حدثنى أبى قال: رأيت وائلة بن الأسقع يصلى على جنائز الرجال والنساء إذا اجتمعت فيصف الرجال صفا ثم يصف النساء خلف الرجال رأس أول امرأة يضعها عند ركبة آخر الرجال ثم يصفهن ثم يقوم وسط الرجال وإذا كانوا رجالا كلهم صفهم ثم قام وسطهم. وما ذكرناه أولى لأنه مدلول عليه بفعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا حجة في قول أحد خالف فعله أو قوله.

[مذهب الظاهرية]

جاء المحلى (١): أن الإمام يتقدم المأمومين في الصلاة ولا يحل لأحد أن يصلى أمام الإِمام إلا لضرورة حبس فقط أو في سفينة حيث لا يمكن غير ذلك لما روى عبادة بن الوليد عن عبادة بن الصامت رضى الله تعالى عنه قال: أتينا جابر بن عبد الله فحدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توضأ قال جابر فتوضأت من متوضأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذهب جبار بن صخر يقضى حاجته فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلى ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخذ بيدى فأدارنى حتى أقامنى عن يمينه ثم جاء جبار بن صخر فقام عن يسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ بأيدينا جميعا حتى أقامنا خلفه فوجب أن يكون الاثنان فصاعدا خلف الإمام ولابد وأن يكون الواحد عن يمين الإمام ولابد لأن دفع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم جابرا وجبارا إلى ما وراءه أمر منه صلى الله عليه وآله وسلم بذلك لا يجوز تعديه وإداراته جابرا إلى يمينه كذلك فمن صلى بخلاف ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا صلاة له، أو إن صلت (٢) امرأة إلى جنب رجل لا تأتم به ولا بإمامه فذلك جائز فإن كان لا ينوى أن يؤمها ونوت هي ذلك فصلاته تامة وصلاتها باطالة فإن نوى أن يؤمها وهى قادرة على التأخر عنه فصلاتهما جميعا فاسدة فإن كانا جميعا مؤتمين بإمام واحد ولا تقدر هي ولا هو على مكان آخر فصلاتهما تامة وإن كانت قادرة على التأخر وهو غير قادر على تأخيرها فصلاتها باطلة وصلاته تامة فلو قدر على تأخيرها فلم يفعل فصلاتهما جميعا باطلة لما روى عن أنس بن مالك عن أبيه قال: صلى بى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبامرأة من أهلى فأقامنى عن يمينه والمرأة خلفنا فصح أن مقام المرأة والمرأتين والأكثر إنما هو خلف الرجال ولابد لا مع رجل واحد أصلا ولا أمامه وأن موقف الرجل والرجلين والأكثر إنما هو أمام


(١) انظر كتاب المحلى لابن حزم الظاهرى الأندلسى جـ ٤ ص ٦٦ وما بعدها مسألة رقم ٤٢١ طبع مطابع مطبعة إدارة الطباعة المنيرية بمصر سنة ١٣٥١ هـ لصاحبها محمد منير أغا الدمشقى.
(٢) انظر المرجع السابق لأبى عبد الله سعد بن حزم الظاهرى الأندلسى جـ ٤ ص ١٧، ص ١٨ مسألة رقم ٣٨٧ الطبعة السابقة.