للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد اختلف أرباب المذاهب فى اذن الامام هل هو شرط‍ فى صحة تملك الموات أم لا.

[مذهب الحنفية]

يرى الامام أبو حنيفة أن اذن الامام شرط‍ فى صحة تملك الموات بالاحياء فمن أحيا أرضا ميتة بدون اذن الامام فلا يملكها لقوله عليه الصلاة والسلام (ليس للمرء الا ما طابت به نفس امامه) ولأنها ملك للمسلمين فليس لأحد أن يختص بها بدون اذن الامام مثل بيت المال، ثم انه عند الامام أبى حنيفة اذا لم يملكها بالاحياء بدون اذن الامام وملكها له الامام بعد الاحياء فانها تصير ملكا له والأولى للامام أن يجعلها له اذا أحياها ولا يستردها منه، وهذا اذا ترك استئذان الامام جهلا، أما لو تركه تهاونا بالامام فله أن يستردها منه زجرا له فاذا تركها له الامام فانه يتركها بالعشر أو الخراج، أما الصاحبان فاذن الامام عندهما ليس بشرط‍ فى صحة تملك الموات بعد الاحياء فمن أحيا أرضا مواتا بدون اذن الامام فقد ملكها لقوله عليه الصلاة والسلام (من أحيا أرضا ليست لأحد فهو أحق بها) ولأنه مباح سبقت يده اليه فيملكه كالحطب والصيد (١).

[مذهب المالكية]

يفتقر احياء الموات الى اذن الامام أو نائبه لأجل أن ينظر ان كان يضر بالبلد أم لا فان كان لا يضر بالبلد أذن لهم فى الاحياء وان كان يضربها فلا يجوز الاذن للضرر وذلك ان كان المحيى مسلما وقرب من عمارة البلد بأن كان فى حريمها فان لم يستأذن الامام فيما قرب من عمارة البلد فللامام امضاؤه للمحيى أو جعله متعديا فيعطيه قيمة بنائه أوا غرسه ويبقيه للمسلمين من أهل البلد كلهم أو لمن شاء منهم ولا يرجع عليه بأجرته فيما مضى من المدة التى سكنها أو زرعها لأن أصله مباح بخلاف البعيد عن البلد، فان كان خارجا عن حريمها فلا يفتقر احياؤه الى اذن الامام بل يختص المحيى بما أحياه، ولو كان المحيى له ذميا حيث أحياه فى البعيد فى غير جزيرة العرب، وهل الذمى كالمسلم فى ذلك؟ ذهب بعضهم الى أنه يجوز له الاحياء فيما قرب من عمارة البلد بأن كان من حريمها وقد مال الى ذلك الباجى، والمشهور أنه لا يجوز ذلك للذمى ولو كان باذن الامام (٢).

[مذهب الشافعية]

تملك الأرض الموات بالاحياء ويجوز ذلك بدون اذن الامام للخبر (من أحيا أرضا ميتة فهى له) ولأنه تملك مباح فلم يفتقر الى اذن الامام كالاصطياد (٣) نعم لو حمى الامام لابل الصدقة موضعا من الموات فأحياه شخص لم يملكه بدون اذن الامام لما فيه من الاعتراض على الامام (٤).

[مذهب الحنابلة]

لا يشترط‍ اذن الامام فى تملكها فان من أحياها فقد ملكها سواء أذن الامام أم لم يأذن لعموم حديث (من أحياء أرضا ميتة فهى له) ولأن ذلك عين مباحة فلا يفتقر تملكها الى اذن الامام كأخذ الحشيش والحطب ونظر الامام فى ذلك لا يدل على اعتبار اذنه ألا


(١) الجوهرة ح‍ ١ ص ٣٦٢.
(٢) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ح‍ ٤ ص ٦٦ الطبعة السابقة.
(٣) المهذب ح‍ ١ ص ٤٢٣ الطبعة السابقة.
(٤) نهاية المحتاج ح‍ ٥ ص ٣٢٦ الطبعة السابقة.