للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خمسة، وله وجه آخر هو ربط‍ استثناء الخمسة بما قبلها واعتبارهما كلاما واحدا وكأنه قال: عشرة الا سبعة الا سبعة ليس فيها خمسة، أى عشرة الا سبعة الا اثنين فيكون اللازم على هذا الوجه خمسة (١).

[مذهب الإمامية]

عرف الإمامية الاستثناء بأنه:

اخراج ما لولاه لدخل فى اللفظ‍ السابق. وقالوا: ان تعقيب الاقرار بالاستثناء مقبول وصحيح بشروط‍ هى:

أن يكون المستثنى غير مستوعب ولا مستغرق للمستثنى منه، ويستوى أن يكون المستثنى هو الأكثر أو الاقل أو المساوى .. فلو قال: له على مائة الا عشرين أو الا خمسين أو الا تسعين صح ولزمه الباقى من المائة بعد المستثنى لأن المستثنى والمستثنى منه كالشئ الواحد فلا يتفاوت الحال بكثرته وقلته ولوقوعه فى القرآن وغيره من اللفظ‍ الفصيح العربى فان كان المستثنى مستوعبا للمستثنى منه بطل الاستثناء ولزمه المقر به، فلو قال:

له على مائة الا مائة، بطل ولزمته المائة كلها، لأنه يكون ابطالا للكلام السابق فيبطل هو صيانة لكلام العاقل عن اللغو، ولا يحمل على الغلط‍ ولو ادعاه لم يسمع منه، هذا اذا لم يتعقبه استثناء آخر يزيل استغراقه كما لو عقب المثال المذكور بقوله: الا تسعين بأن قال: له على مائة الا مائة الا تسعين فيصح الاستثناءان ويلزمه تسعون لان الكلام جملة واحدة لا يتم الا بآخره وآخره يصير الأول غير مستوعب، فان المائة المستثناة تنفيه لانها استثناء من مثبت والتسعين مثبتة لأنها استثناء من منفى فيصير جملة الكلام فى قوة: له تسعون وكأنه استثنى من أول الأمر عشرة. وأن يكون متصلا بالمستثنى منه بما جرت به العادة والعرف، فيعتفر التنفس بينهما والسعال وغيرهما مما لا يعد فاصلا عرفا، فان فصل بسكوت طويل بدون عذر أو بفاصل يعتبر قاطعا عرفا وعادة فان الاستثناء يبطل ويلزمه المقر به، فلو قال: له على عشرة ثم سكت طويلا بلا عذر أو قطع بكلام أجنبى، ثم قال: الا ثلاثة بطل الاستثناء ولزمه العشرة.

ولو كان الاستثناء اخراج ما لولاه لدخل فى اللفظ‍ كان المستثنى والمستثنى منه متناقضين ومن ثم قالوا ان الاستثناء من الاثبات نفى ومن النفى اثبات، اما الأول فجمع عليه، وأما الثانى فلأنه لولاه لم تكن كلمة التوحيد - لا اله الا الله - كافية فيه لأنه لا يتم الا باثبات الالوهية لله تعالى ونفيها عما عداه سبحانه، والنفى هنا حاصل ولو لم يحصل لم يتم التوحيد - وعلى ذلك فلو قال: له على مائة الا تسعين فهو اقرار بعشرة لأن المستثنى منه اثبات للمائة، والمستثنى نفى للتسعين منها فبقى عشرة فتلزمه، ولو قال: الا تسعون بالرفع فهو اقرار بمائة لأنه لم يستثن منها شيئا لان


(١) شرح الازهار والتعليق الذى عليه ص ١٧٤، ١٨٢ - ١٨٣.