للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأجب، وروى أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يشد له حبل إلى المسجد فهذا يدل على وجوب صلاة الجماعة على من سمع النداء. ويؤيد هذا القول ما روى أنه قال - صلى الله عليه وسلم -: من سمع النداء فليجب ومن لم يجب فلا صلاة له إلا مر عذر قيل وما العذر يا رسول الله؟ قال: خوف أو مرض. قال صاحب الإيضاح فهذا عندى كل زمان الناس فيه كلهم صالحون والمسلمون هم الغالبون للناس والحاكمون عليهم يأمرون بالمعروف علانية وينهون عن المنكر علانية لا يخافون في الله لومة لائم فعند ذلك ينبغى للمسلم أن لا يعتزل المسلمين ولا يغيب عن جماعتهم لأن المسلمين يومئذ كلمتهم مجتمعة ودينهم واحد، وإن صلى في بيته أو في المسجد منفردا ثم أصاب الناس يصلون تلك الصلاة بالجماعة فليصل معهم ويجعلها نافلة. والدليل على هذا ما روى أن النبى - صلى الله عليه وسلم - جلس وفى مجلسه رجل يسمى محجنا فأقيمت الصلاة فقام فصلاها فلما فرغ من صلاته نظر إلى محجن وهو في مجلسه فقال النبي عليه السلام: ما صنعك أن تصلى معنا ألست برجل مسلم؟ فقال: بلى يا رسول الله ولكن قد صليت في أهلى. فقال له - صلى الله عليه وسلم -: إذا جئت والناس يصلون فصل معهم وإن كنت قد صليت فهذا يدل على أنه يجعلها نافلة.

[شروط صحة الإمامة في الصلاة]

مذهب الحنفية (١):

إن شروط صحة الإِمامة للرجال الأصحاء ستة شروط، الأول الإسلام، الثاني: البلوغ لأن صلاة الصبى نفل ولو نوى الفرض ونفله لا يلزمه فلا يصح اقتداء بالغ بصبى مطلقا سواء كان في فرض أو في نفل لأن نفله لا يلزمه ونفل المقتدى لازم مضمون عليه بالشروع فيه فيلزم بناء القوى على الضعيف. وقال بعض مشايخ بلخ يصح اقتداء البائغ بالصبى في التراويح والسنن المطلقة والنفل والمختار عدم الصحة بلا خلاف بين أصحابنا. الثالث: أن يكون عاقلا؛ لعدم صحة صلاته بعدم العقل كالسكران وكالمجنون المطبق جنونه وأما الذي يجن ويفيق فتصح إمامته حال افاقته ولا تصح إمامة المعتوه وهو الذي ينسب إلى الخرف كما في المعراج، الرابع: الذكورة المحققة فلا يصح اقتداء الرجل بالمرأة للأمر بتأخيرهن وصلاتها في ذاتها صحيحة، والخنثى امرأة في الحكم فلا يقتدى به غيره لا رجل لاحتمال أنوثته ولا خنثى مثله لاحتمال ذكورة المتأخر وأنوثة المتقدم، وأما المرأة فيصح أن يكون الخنثى إماما لها ويصح اقتداؤها به، الخامس: القراءة بحفظ ما تصح به الصلاة على الخلاف في ذلك بين الإمام وصاحبيه حيث قالا لا تصلح إلا بثلاث آيات. وقال الإمام تصح ولو بحفظ آية قصيرة. فلا يصح اقتداء القارئ بأمى أو بأخرس ولا اقتداء الأمى بأخرس لقوة حال الأمى عنه بكونه يأتى بالتحريمة دونه. وأما إمامة الأمى للأمى، وإمامة الأخرس للأخرس فصحيحة، السادس: السلامة من الأعذار فإن المعذور تصح عملاته للضرورة، فلا يصح اقتداء غيره


(١) حاشية الطحاوى على مراقى الفلاح شرح نور الإيضاح ص ١٦٧ وما بعدها الطبعة السابقة، وحاشية ابن عابدين على الدر المختار جـ ١ ص ٥١٣ وما بعدها الطبعة السابقة، وانظر البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم جـ ١ ص ٣٨١ وما بعدها طبع المطبعة العلمية بمصر الطبعة الأولى سنة ١٣١٠ هـ وبدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى جـ ١ ص ١٤٢ وما بعدها.