للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مضمونا فى ذمة الغريم فلا يقبل قول الوكيل فى قبضه اذا كان لا يملك انشاء القبض فى الحال لأن فيه اسقاط‍ الضمان عن الغريم ولو وهب لها هبة أو تصدق عليها بصدقة فوكلت وكيلا يقبضها ثم ماتت فقال الوكيل قد قبضتها ودفعتها اليها فالقول قول الوكيل لأنه يخبر بما جعل مسلطا عليه أمينا فيه وان قال الواهب قبضتها بعد موتها فالقول قول الوكيل أيضا لأن الواهب يدعى الضمان لنفسه عليه فلا يصدق الا بحجة. ولو وهبت هبة فوكلت بدفعها وكيلا ثم ماتت ودفعها الوكيل فقال دفعتها فى حياتها فصدقه الموهوب له فلا ضمان على الوكيل لأنه كان أمينا فى الدفع ولكن ان كانت قائمة فى يد الموهوب له فللورثة أن يأخذوها لأن الظاهر يشهد لهم فانه انما يحال بالدفع على أقرب الأوقات وهو ما بعد موتها والوكيل يبطل ملك الورثة باختياره بتصرف لا يملك انشاءه فان أقاموا البينة أخذت ببينة الموهوب له لأنه يثبت الملك لنفسه فى الموهوب وسبق التاريخ فى دفع الوكيل اليه. واذا رهنت المرتدة رهنا أو ارتهنته مع التسليط‍ على البيع عند حلول الأجل فهو جائز وللوكيل أن يبيعه وان ماتت أو لحقت بدار الحرب لأنه ان كانت رهنت فلقيام حق المرتهن وان كانت ارتهنت فلقيام حق ورثتها وبقاء الوكيل والموكل جميعا واذا وكل المكاتب المرتد وكيلا ببيع أو شراء فهو جائز بخلاف الحر.

على قول أبى حنيفة رحمه الله تعالى لأن المكاتب بعد الردة يملك التصرف بنفسه لقيام الكتابة فيوكل به غيره بخلاف الحر وهذا لأن كسب المكاتب دائر بينه وبين مولاه والمولى راض بتصرفه بخلاف مال الحر فانه يوقف على حق ورثته وهم لا يرضون بتصرفه والمستسعى كالمكاتب فى قول أبى حنيفة فان لحق المكاتب بدار الحرب مرتدا كان الوكيل على وكالته وكذلك لو أسر أو سبى لأن عقد الكتابة باق بعد لحاقه ألا ترى أن لحاقه لا يكون أعلى من موته وموته عن وفاء لا يبطل الكتابة وكذلك لحاقه فلهذا بقى الوكيل على وكالته.

[أثر اللحوق بدار الحرب فى الكفالة]

جاء فى المبسوط‍ للسرخسى (١): وكفالة المرتد موقوفة عند أبى حنيفة رحمه الله بنفس كانت أو بمال كسائر تصرفاته وكفالة المرتدة جائزة وان ماتت على الردة كسائر تصرفاتها فانها لا تقتل بخلاف الرجل وهذا فرق ظاهر فى السير فان لحقت بدار الحرب وسبيت بطلت الكفالة بالنفس دون المال لأنها لما لحقت وسبيت فكأنها ماتت ألا ترى أن مالها لورثتها وموت الكفيل يبطل الكفالة بالنفس دون المال.

ولو كفل مسلم بنفس مرتدا فى دين عليه فلحق بدار الحرب أو كفل مسلم بنفس فارتد المكفول أو ارتد بعد الكفالة ولحق كان الكفيل على كفالته، فان كانت امرأة فسبيت بطلت الكفالة عنها بالنفس دون المال لأنها حين سبيت فقد سقطت عنها المطالبة بالحضور فيسقط‍ عن الكفيل ما التزم عن الاحضار وتوضيحه انها لما تبدلت نفسها بالاسترقاق فكأنها ماتت وموت المكفول عنه بنفسه يبطل


(١) المبسوط‍ للسرخسى ج‍ ٢٠ ص ٣٢ وما بعدها الطبعة السابقة.