أعداء الدين وحتى يكون للمسلمين جماعة ولا يكون الأمر فوضى بين العامة فلا يشترط فيها أن يكون الإِمام أفضل الأمة علما وأقومهم رأيا وحكمة إذ الحاجة تنسد بقيام المفضول مع وجود الفاضل والأفضل ..
ومالك جماعة من أهل السنة إلى ذلك حتى جوزوا أن يكون الإِمام غير مجتهد ولا خبير بمواقع الاجتهاد ولكن يجب أن يكون معه من يكون من أهل الاجتهاد ويراجعه في الأحكام ويستفتى منه في الحلال والحرام .. ذا رأى وبصر في الحوادث نافذ ..
كما تنزع منهم طائفة الصالحية أصحاب الحسن بن صالح وقولهم في الإمامة كقول السليمانية .. قالوا: إن عليا أفضل الناس بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأولاهم بالإمامة لكنه سلم الأمر لهم راضيا وفوض الأمر إليهم طائعا وترك حقه راغبا فنحن راضون بما رضى مسلمون لما سلم لا يحل لنا غير ذلك .. وهم الذين جوزوا إمامة المفضول وتأخير الفاضل والأفضل إذا كان الأفضل راضيا بعد ذلك وقالوا: من شهر سيفه من أولاد الحسن والحسين .. وكان عالما زاهدًا شجاعا فهو الإِمام وشرط بعضهم صباحة الوجه .. وفى أمامين وجد فيهما هذه الشرائط وشهرا سيفيهما بنظر إلى الأفضل ..
[فيم يخلف الخليفة رسول الله؟!]
أشرنا فيما سبق إلى أن الإسلام دين وعقيدة يدعو الناس إلى ملكوت السموات والأرض ويجمعهم على عقيدة واحدة هي عقيدة التوحيد التي يهدف الإِسلام إلى أن يرتبط بها البشر أجمعين .. ويحيط بها أقطار الأرض كلها .. وأن يكونوا أمة واحدة تعبد إلها واحدًا لا شريك له وتعتصم بحبل الله المتين دون تفرق أو انقسام ..
وهو أيضا شريعة تهدف إلى إقامة مجتمع إنسانى فاضل وترسم للناس في هذا المجتمع مناهج العمل في الحياة التي يعيشون فيها ويتعاملون معها .. وتضع لهم معالم واضحة على طريق سلوكهم وتعاملهم في هذه الحياة .. وتبين لهم ما يأتون وما يذرون في التعامل سواء مع الله تعالى في العقائد والعبادات المختلفة بأنواعها وأساليبها وأحكامها وطرق أدائها .. أو مع بعضهم البعض بما تضع من قيود على تصرفات الأفراد وما ترسم من حدود وأوضاع لا يجوز لهم أن يتجاوزوها ولا أن يخرجوا عنها في البيع والشراء والإِجارة والرهن والوصية والاستثمار والتجارة وسائر المعاملات والعقود والشئون المدنية وفى الزواج والطلاق وشئون الأسرة في إقامتها وصيانة بنائها وتنظيم علاقات أفرادها ..
وفى مجال الاجتماع والأخلاق والتعاون واحترام حقوق الآخرين وأداء ما لهم من حقوق .. والامتناع عما يخدش شعورهن وشعور المجتمع والتزام السلوك الذي لا يؤذى الآخرين أو يصيب مصالحهم بضرر ..
وفى تنظيم علاقات المجتمع الإِسلامى بغيره من المجتمعات في أوقات الحرب والسلم وإقامة الصلات معهم على أسس تكفل تحقيق المصالح وتوفير الثقة والأمان للجميع ..
والمجتمع كما أشرنا - هو المجال الحقيقى والعملى الذي يتحرك فيه الإسلام بعقيدته وشريعته فيهذب ويصلح ويبنى وينظم وتظهر آثاره وتتكشف تعاليمه وتتحقق ثماره وأهدافه ..
وكلما كبر هذا المجتمع وعظم كيانه المادى والمعنوى واتسعت دائرته كلما كانت حركة الإسلام فيه وعمله معه أكفل بتحقيق أهدافه