الشارح مكتوبا بالسواد، ثم حلت الأقواس اليوم محل الحمرة، وأصبح المداد فى الكتب المطبوعة كله واحدا.
وهذه الطريقة فى الشرح تشوش الأفهام وتقطع أوصال الكلام، وقد زادها تشويشا عدم العناية بالحمرة والسواد فى الكتب المنسوخة، وبوضع الأقواس فى الكتب المطبوعة.
أما الحواشى فى الكتب المطبوعة فقد وضعت فى صلب الكتاب لطولها ووضعت الشروح بالحواشى.
ومن عنوا فى مؤلفاتهم من المتأخرين بذكر الخلاف المذهبى والأقوال والوجوه فى المذهب الواحد كانت لهم اصطلاحات أملاها حب الاختصار، كتخصيص جمل معينة بآراء كل فقيه، كما فعل ابن الساعاتى فى مجمع البحرين، أو بتخصيص كلمة (كلديه. وعنده. ورأيه) لكل فقيه، كما فعل الإسفرايينى فى الينابيع، أو بالرقم بالحروف فوق الكلمات إشارة للفقهاء كما صنع الغزالى فى الوجوه والمذاهب، وهذا النوع الأخير من الرموز ليس مأمون العاقبة ولا يمكن الاعتماد عليه.
وكذلك عمد كثير من المتأخرين إلى الرمز للكتب التى ينقلون عنها بحروف مركبة كما فى «قنية الزاهدى» و «جامع الفصول» وكثيرا ما يقع فيها التحريف والخلط ويضيع المقصود منها.
وإذا كان الأصل فى تدوين الكتب الفقهية هو النثر، فإنها نالت حظها من النظم فى كل المذاهب وفى أكثر العصور. ومن النظم الفقهى ما هو سلس مقبول ظاهر المعنى، ومنه ما هو غث ثقيل مملوء بالضرورات.
ولا يكاد يبين.
وقد عرفنا تقسيم الفقه إلى أنواع كالعبادات، والمعاملات إلخ … والكتب الفقهية ليست متفقة فى ترتيب هذه الأنواع إلا فى البدء بالعبادات وتختلف فيما وراء ذلك، وليس هذا خاصا بكتب المذاهب المختلفة، بل هو واقع فى كتب المذهب الواحد، لكل فريق ملحظه ومناسباته التى ارتضاها وكثيرا ما يكررونها فى أوائل كل كتاب أو باب.
[ح) السرقات الفقهية]
من حق العلم والأمانة على كل مؤلف أن ينسب الرأى أو الفكرة إلى من أبداها، بهذا تقضى الفطرة السليمة كما تقضى به بداهة العقل، وهو ما يحترمه الناس فى جميع العصور وفى جميع الأقطار.
ولكن الفقه، كغيره، كانت فيه سرقات لبعض الآراء التى لم تنسب إلى أهلها، كما وقع من ابن هارون وابن عبد السلام فى شرحيهما لمختصر ابن الحاجب، فقد سرقا كلام ابن رشد ونسباه إلى أنفسهما، وقد أعلن هذا فى مواجهتهما ابن الحباب فلم يستطيعا أن يردا عليه.
والفقه قد وقعت فيه سرقات لا تعرف فى غيره، وهى سرقات كتب برمتها، فهذا رجل اسمه علاء الدين على بن خليل الطرابلسى الحنفى قاضى القدس المتوفى سنة ٨٤٤، سرق تبصرة ابن فرحون المتوفى سنة ٧٩٩ برمتها مع تغيير يسير فى بعض العبارات القليلة ونسبها إلى نفسه وسماها معين الحكام، ويظهر أن الذى جرأه على ذلك أن