للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الى وجهة أخرى فى حين أن أحكام المدعى تختلف عن أحكام المدعى عليه فعلى المدعى البينة وعلى المدعى عليه اليمين وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخارى ومسلم عن أبن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قضى باليمين على المدعى عليه وروى أحمد ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى أناس دماء قوم وأموالهم، ولكن البينة على المدعى واليمين على المدعى عليه، وأخرج البيهقى هذا الحديث باسناد صحيح بلفظ‍ البينة على من ادعى واليمين على من أنكر، لهذا كان من الواجب التمييز بينهما حتى يستطيع القاضى مطالبة كل منهما بما يجب عليه شرعا من بينة أو يمين وكان للفقهاء عناية بالغة فى تحقيق ذلك وفى تيسيره وهى عناية تنم على ما فى ذلك من صعوبة ألا ترى أن الوديع اذا ادعى رد الوديعة كان مدعيا فى الظاهر والصورة، ولكنه فى الحقيقة منكر لوجود الضمان الذى يدعيه عليه المودع فيحلف على أنه لا يلزمه رد ولا يكلف اقامة البينة على الرد كما لا يطلب من المودع اليمين على عدم الرد اذا عجز الوديع عن اقامة البينة عليه وذلك ما ذهب اليه الحنفية كما جاء فى الزيلعى على الكنز، وقد جاء فى معين الأحكام عن شريح أنه قال: وليت القضاء وعندى أنى لا أعجز عن معرفة ما يتخاصم الى فيه، فأول ما ارتفع الى خصمان أشكل على أمرهما من المدعى ومن المدعى عليه (١).

[الفرق بين المدعى والمدعى عليه]

ذكر الفقهاء فى التفرقة بينهما الضوابط‍ الآتية:

١ - المدعى من اذا ترك الخصومة والادعاء لم يجبر على المضى فيهما، والمدعى عليه من اذا أبى الجواب عن الدعوى أو ترك الخصومة أجبر على ذلك كما ذكره القدورى

٢ - جاء فى تحفة المحتاج شرح المنهاج:

المدعى من يلتمس حقا قبل غيره أو من ينوب عنه، والمدعى عليه من يدفع ذلك عن نفسه وينفيه، وفى نهاية المحتاج: المدعى من يخالف قوله الظاهر، والمدعى عليه من يوافقه (٢).

٣ - جاء فى شرح الأزهار (٣): المدعى من يطلب خلاف الظاهر والمدعى عليه من يتمسك بالظاهر، وقيل المدعى من يخلى وسكوته كمدع تأجيل دين أو فساد عقد والمدعى عليه عكسه.

٤ - وفى الأصل لمحمد بن الحسن:

المدعى عليه من يعمد الى الانكار والآخر هو المدعى وتطبيقه يستلزم فقها وحدة ذكاء ذلك أنه قد تكون عبارة من هو مدعى عليه فى الواقع تدل على ادعاء بينما تكون عبارة صاحبه تدل على الانكار وهو على الرغم من ذلك مدع فى الحقيقة وذلك كالوديع اذا ادعى رد الوديعة أو هلاكها عند طلبها منه فانه مدع صورة وصاحبه منكر لما ادعاه وهما فى الحقيقة على عكس ما يظهر من


(١) الزيلعى ح‍ ٤ ص ٢٩١ والتكملة ح‍ ١ ص ٢٩٣
(٢) نهاية المحتاج ح‍ ٨ ص ٣٢٠.
(٣) ح‍ ٤ ص ١٢٦ وما بعدها.