للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الحنابلة]

ذكر ابن قدامة أن المضاربة هى: أن يدفع رجل ماله الى آخر يتجر له فيه على أن ما حصل من الربح بينهما على حسب ما يشترطانه.

وهى جائزة بالاجماع (١) فلو قال خذ هذا المال مضاربة ولم يسم للعامل شيئا من الربح فالربح كله لرب المال وللعامل أجر مثله، ومقتضى كون الشئ مضاربة أن العامل لا بد من أن يستحق جزءا من الربح، فاذا كان مجهولا لم تصح المضاربة بالمال كما لو قال: ولك جزء (غير معين) من الربح، أما لو قال:

والربح بيننا، فان المضاربة تصح، ويكون الربح بينهما نصفين، لانه اضافه اليهما اضافة واحدة لم يترجح فيها أحدهما على الآخر فاقتضى التسوية (٢).

[مذهب الظاهرية]

ذكر ابن حزم الظاهرى أنهم كانوا فى الجاهلية يعطون المال مضاربة لمن يتجر به بجزء مسمى من الربح فأقر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذلك فى الاسلام وعمل به المسلمون عملا متيقنا لا خلاف فيه، ويكون بالدنانير والدراهم ولا يجوز بغير ذلك الا بأن يعطيه العرض فيأمره ببيعه بثمن محدود،

وبأن يأخذ الثمن فيعمل به قراضا، ولا يحل للعامل أن يأكل من المال شيئا ولا أن يلبس منه شيئا لا فى سفر ولا فى حضر (٣).

[مذهب الزيدية]

الزيدية يجيزون استغلال المال بطريق المضاربة على ما جاء فى شرح الازهار.

فيجوز فى سبائك الذهب والفضة اذا كان يتعامل بها فى التجارات (٤)، واذا أطلقت المضاربة للعامل ولم يذكر فيها حجر ولا تفويض جاز له فى مطلقها كل تصرف الا الخلط‍ والمضاربة والقرض والسفتجة (٥) (وهى: أن يعطى مالا لآخر له مال فى بلد المعطى فيوفيه اياه هنا، ليستفيد أمن الطريق (٦).

والمؤن التى يحتاج اليها فى المضاربة من كراء وعلف بهيمة وأجرة دلال وغيرها يكون من الربح، واذا لم يكن هناك ربح كانت من رأس المال (٧).

وعلى العامل ما جرت به العادة من مثله من بيع وشراء وطى ونشر وحمل ما خف فان استأجر على ذلك فمن ماله الا ما يشق (٨).


(١) المغنى والشرح الكبير لابن قدامة ج‍ ٥ ص ١٣٤ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق ج‍ ٥ ص ١٤٢، ١٤٣.
(٣) المحلى لابن حزم الظاهرى ج‍ ٨ ص ٢٤٧ و ٢٤٨.
(٤) شرح الازهار ج‍ ٣ ص ٣٢٧، ٣٢٨.
(٥) ينظر القاموس «مادة سفتج».
(٦) شرح الأزهار ج‍ ٣ ص ٣٣٢ الطبعة السابقة.
(٧) شرح الأزهار ج‍ ٣ ص ٣٣٣ الطبعة السابقة.
(٨) البحر الزخار ج‍ ٤ ص ٨٣، ٨٤ الطبعة السابقة.