للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجب عليهم الإحرام منه، فأشبهوا المكى (١).

[مذهب الظاهرية]

قال ابن حزم الظاهرى: للحج والعمرة مواضع تسمى المواقيت، لا يحل لأحد أن يحرم بالحج ولا بالعمرة قبلها، وهى لمن جاء من جميع البلاد على طريق المدينة أو كان من أهل المدينة ذو الحليفة، ولمن جاء من جميع البلاد أو من الشام أو من مصر على طريق مصر أو على طريق الشام الجحفة، ولمن جاء من طريق العراق منها ومن جميع البلاد ذات عرق، ولمن جاء على طريق نجد من جميع البلاد كلها قرن، ولمن جاء عن طريق اليمن منها أو من جميع البلاد يلملم.

برهان ذلك ما روى عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام ومصر الجحفة، ولأهل العراق ذات عرق، ولأهل اليمن يلملم.

وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «ثم ذكر المواقيت ومنها، ولأهل نجد قرن المنازل، أما من جاوزه وهو لا يريد حجا ولا عمرة، فليس عليه أن يحرم، فإن تجاوزه بقليل أو بكثير ثم بدا له الحج أو فى العمرة فليحرم من حيث بدا له فى الحج أو العمرة وليس عليه أن يرجع إلى الميقات، ولا يجوز الرجوع إليه وميقاته حينئذ الموضع الذى بدا له فى الحج أو العمرة فلا يحل له أن يتجاوزه إلا محرما، أما من كان منزله بين الميقات ومكة فميقاته من منزله أو من الموضع الذى بدا له أن يحج منه أو يعتمر ومن كان طريقه لا تمر بشئ من هذه المواقيت فليحرم من حيث شاء.

ودخول مكة بلا إحرام جائز، لأن النبى صلى الله عليه وسلم إنما جعل المواقيت لمن مر بهن يريد حجا أو عمرة ولم يجعلها لمن لم يرد حجا ولا عمرة، فلم يأمر الله تعالى قط‍ ولا رسوله صلى الله عليه وسلم بألا يدخل مكة إلا بإحرام، فهو إلزام ما لم يأت فى الشرع إلزامه.

والدليل ما روى أن ابن عمر رضى الله عنه أنه رجع من بعض الطريق فدخل مكة غير محرم.

وعن ابن شهاب: لا بأس بدخول مكة بغير إحرام، ومن أراد العمرة وهو بمكة إما من أهلها أو من غير أهلها ففرض عليه أن يخرج للإحرام بها الى الحل ولا بد، فيخرج إلى أى حل شاء ويهل بها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عبد الرحمن بن أبى بكر رضى الله عنهما بالخروج من مكة إلى التنعيم ليعتمر منه واعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة فوجب ذلك فى العمرة خاصة (٢).


(١) المغنى لابن قدامة المقدسى ج‍ ٣ من ص ٢٠٦ إلى ص ٢١٥ الطبعة السابقة، وكشاف القناع ومنتهى الارادات ج‍ ١ ص ٥٦١، ٥٦٢ الطبعة السابقة والروض المربع ج‍ ١ ص ١٣٥ الطبعة السابقة.
(٢) المحلى لابن حزم ج‍ ٧ ص ٦٩ مسألة رقم ٨٢٢، ص ٧٠، ٧١، ٩٨ مسألة رقم ٨٢٢، ص ٢٦٦ مسألة رقم ٩٠٤ الطبعة السابقة.