للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الميت أو لأشربن البحر أو لأحملن الجبل، ويخرج به الواجب كقوله: والله لأموتن فليس بيمين لأن الواجب متحقق فى نفسه، وجاء فى الشرح الكبير (١): ويدخل فى اليمين الممكن عقلا ولو امتنع عادة نحو لأشربن البحر ولأصعدن السماء ورتب الدردير على هذا الحنث فقال: ويحنث فى هذا بمجرد اليمين اذ لا يتصور هنا العزم على الضد لعدم قدرته على الفعل ثم قال: ودخل الممتنع عقلا نحو لأجمعن بين الضدين ويحنث فى هذا أيضا بمجرد اليمين، فالممتنع عقلا أو عادة انما يأتى فيه صيغة الحنث، وأما صيغة البر نحو لا أجمع بين الضدين فهو على بر دائما ضرورة أنه لا يمكن الفعل، وفى باب الطلاق قال خليل والدردير (٢): ونجز الطلاق أى حكم الشرع بوقوعه حالا من غير توقف على حكم ان علق بماض ممتنع عقلا نحو عليه طلاقه أو يلزمه الطلاق: لو جاء زيد أمس لجمعت بين وجوده وعدمه، أو عادة كلو جاء أمس لرفعته للسماء، أو شرعا كلو جاء أمس لزنى بامرأته، وعلق الدسوقى بقوله: لا شك أن الجمع المذكور ممتنع وقد علق الطلاق عليه من حيث انتفاؤه وبمقتضى لو لأنها دالة على انتفاء الجواب لانتفاء الشرط‍، وانتفاء الجمع المذكور واجب فهو فى الحقيقة قد علق الطلاق على أمر واجب عقلى محقق فلذا نجز الطلاق، والحاصل:

أن الطلاق بحسب الظاهر مرتبط‍ بالمحال بأوجهه وفى الواقع انما هو بنقيضه فاذا كان مرتبطا ظاهرا بالمحال عقلا فهو فى المعنى معلق على ضده وهو الوجوب العقلى.

[مذهب الشافعية]

قال صاحب نهاية المحتاج: اليمين فى الشرع بالنظر لوجوب تكفيرها تحقيق أمر محتمل بما يأتى: أى بصيغة معينة يأتى بيانها، فخرج بالتحقيق لغو اليمين وبالمحتمل نحو: لاموتن أولا أصعد السماء لعدم تصور الحنث فيه بذاته فلا اخلال فيه بتعظيم اسم الله تعالى بخلاف: لا أموت ولأصعدن السماء ولأقتلن الميت فانه يمين يجب تكفيرها حالا ما لم يقيد الاخيرة بوقت كغد فيدخل غدا وذلك لهتكه حرمة الاسم (٣)، وقال فى المهذب (٤): ومن قال لامرأته: أنت طالق فى الشهر الماضى قاصدا الانشاء فالمنصوص أنها تطلق فى الحال، وقال الربيع فيه قول آخر: أنها لا تطلق، وقال فيمن قال لامرأته: ان طرت أو صعدت السماء فأنت طالق أنها لا تطلق، واختلف أصحابنا فيه فنقل أبو على


(١) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه ح‍ ٢ ص ١٢٦.
(٢) المرجع السابق ح‍ ٢ ص ٣٨٩.
(٣) نهاية المحتاج الى شرح المنهاج ح‍ ٨ ص ١٦٤ الطبعة السابقة.
(٤) المهذب لابى أسحق الشيرازى ح‍ ٢ ص ٩٥ الطبعة السابقة.