للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصلاة لا الثانية التى تجمع معها ان أدرك من عرض له الاغماء قبل عروضه قدر الفرض أخف ممكن ولو مقصورا لمسافر ووقت طهر لا يصح تقديمه عليه كتيمم لتمكنه من الفعل فى الوقت فلا يسقط‍ بما يطرأ بعده كما لو هلك النصاب بعد الحول وامكان الأداء فان الزكاة لا تسقط‍ وكذا لو خلا عن الموانع فى أثناء الوقت القدر المذكور.

وانما لم تجب الصلاة الثانية التى تجمع معها اذا خلا من الموانع ما يسعها لأن وقت الأولى لا يصلح للثانية الا اذا صلاهما جمعا بخلاف العكس، وأيضا وقت الأولى فى الجمع وقت للثانية تبعا بخلاف العكس بدليل عدم وجوب تقديم الثانية فى جمع التقديم وجواز تقديم الأولى بل وجوبه على وجه فى جمع التأخير، أما الطهارة التى يمكن تقديمها على الوقت فلا يعتبر مضى زمن يسعها وان لم يدرك قدر الفرض كما وصفنا فلا وجوب فى ذمته لعدم التمكن من فعلها كما لو هلك النصاب قبل التمكن (١). وتجب موالاة كلمات الأذان والاقامة لأن ترك الموالاة يخل بالاعلام، ولا يضر بسير اغماء ويسن ان يستأنف فيه (٢).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى أن حكم المغمى عليه فى الصلاة حكم النائم لا يسقط‍ عنه قضاء شئ من الواجبات التى يجب قضاؤها على النائم كالصلاة والصيام لما روى أن عمارا رضى الله تعالى عنه غشى عليه أياما لا يصلى فاستيقظ‍ ثم استفاق بعد ثلاث فقال: هل صليت؟ فقيل له: ما صليت منذ ثلاث، فقال: أعطونى وضوءا فتوضأ ثم صلى تلك الليلة.

وروى أبو مجلز أن سمرة بن جندب رضى الله تعالى عنه قال: المغمى عليه اذا ترك الصلاة يصلى مع كل صلاة صلاة مثلها، قال: قال عمران زعم ولكن ليصليهن وروى الأثرم رحمه الله تعالى هذين الحديثين فى سننه، وهذا فعل الصحابة وقولهم ولا يعرف لهم مخالف فكان اجماعا، ولأن الأغماء لا يسقط‍ فرض الصيام ولا يؤثر فى استحقاق الولاية على المغمى عليه فأشبه النوم.

أما ما روى من أن عائشة رضى الله تعالى عنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يغمى عليه فيترك الصلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس من ذلك قضاء الا أن يغمى عليه فيفيق فى وقتها فيصليها، فحديث باطل يرويه الحاكم بن سعد وقد نهى أحمد رحمه الله تعالى عن حديثه وضعفه ابن المبارك وقال البخارى: تركوه وفى اسناده أيضا خارجة بن مصعب وهو ضعيف أيضا. ولا يصح قياس المغمى عليه على المجنون لأن المجنون تتطاول مدته غالبا وقد رفع القلم عنه ولا يلزمه صيام ولا شئ من أحكام التكليف وتثبيت الولاية عليه ولا يجوز على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والاغماء بخلافه، وما لا يؤثر فى اسقاط‍ الخمس لا يؤثر فى اسقاط‍ الزائد عليها كالنوم. ومن شرب دواء فزال عقله به نظر فان كان زوالا لا يدوم كثيرا فهو كالاغماء وان كان يتطاول فهو كالمجنون، وأما السكر ومن شرب محرما يزول عقله وقتا دون وقت فلا يؤثر فى اسقاط‍ التكليف وعليه قضاء ما فاته فى حال زوال عقله لا نعلم فيه خلافا، ولأنه اذا وجب عليه القضاء بالنوم المباح فبالسكر المحرم أولى (٣). ولو أغمى على من يؤذن فى أثناء أذانه أو أصابه جنون يقطع الموالاة بطل أذانه.

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى أنه لا صلاة على مجنون ولا مغمى عليه ولا حائض ولا نفساء، ولا قضاء على واحد منهم الا ما أفاق المجنون والمغمى عليه أو طهرت


(١) المرجع السابق ج‍ ١ ص ١٢٥ نفس الطبعة.
(٢) المرجع السابق ج‍ ١ ص ١٣٩ نفس المرجع.
(٣) المغنى لموفق الدين أبى محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة على مختصر أبى القاسم عمر بن الحسين ابن عبد الله بن أحمد الخرقى ج‍ ١ ص ٤١٥، وما بعدها الى ص ٤١٧ فى كتاب أسفله الشرح الكبير على متن المقنع لشمس الدين أبى الفرج عبد الرحمن بن أبى عمر محمد بن أحمد بن قدامة المقدسى الطبعة الأولى طبع مطبعة المنار بمصر سنة ١٣٤١ هـ‍.