للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وان غاب زيد فلم يعرف شاء او لم يشأ لا يخرج لعدم التأكد من تحقق الشرط‍، وان خرج لا يحنث لاحتمال تحقق الشرط‍ وهو المشيئة ومن الممكن أن يقال ذلك فى صور الشك كلها .. ويستوى فى ذلك كله أن يتأخر الشرط‍ عن اليمين أو يتقدم عليها (١).

[مذهب الحنابلة]

واذا حلف (٢) فقال ان شاء الله تعالى فان شاء فعل وان شاء ترك ولا كفارة عليه اذ لم يكن بين الاستثناء واليمين كلام وجملة ذلك أن الحالف اذا قال ان شاء الله مع يمينه فهذا يسمى استثناء، فان ابن عمر رضى الله عنهما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من حلف فقال ان شاء الله فقد استثنى» رواه أبو داود. وأجمع العلماء على تسميته استثناء، وأنه متى استثنى فى يمنيه لم يحنث فيها ..

والأصل فى ذلك قول النبى صلى الله عليه وسلم: «من حلف فقال ان شاء الله لم يحنث» رواه الترمذى .. ولأنه متى قال لأفعلن ان شاء الله فقد علمنا أنه متى شاء الله فعل ومتى لم يفعل لم يشأ الله ذلك فان ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.

ويشترط‍ أن يكون الاستثناء متصلا باليمين بحيث لا يفصل بينهما كلام أجنبى ولا يسكت بينهما سكوتا يمكنه الكلام فيه، فأما السكوت لانقطاع نفسه أو صوته أو عى أو عارض من عطشه أو شئ غيرها فلا يمنع صحة الاستثناء وثبوت حكمه. وبهذا قال مالك والشافعى وأصحاب الرأى لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من حلف فاستثنى، وهذا يقتضى كونه عقيبه، ولأن الاستثناء من تمام الكلام فاعتبر اتصاله به كالشرط‍ وجوابه وخبر المبتدأ والاستثناء بألا ..

وعن أحمد رواية أخرى أنه يجوز الاستثناء اذا لم يطل الفصل بينهما، قال فى رواية المروزى حديث أبن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «والله لأغزون قريشا ثم سكت ثم قال: ان شاء الله» انما هو استثناء بالقرب ولم يخلط‍ كلامه بغيره .. وقال قتادة: له أن يستثنى قبل أن يقوم أو يتكلم واحتج بحديث - لأغزون قريشا.

ويشترط‍ أن يستثنى بلسانه ولا ينفعه الاستثناء بالقلب فى قول عامة أهل العلم .. لان النبى صلى الله عليه وسلم قال: (من حلف فقال ان شاء الله) والقول هو النطق. ولان اليمين تنعقد بالنية فكذا الاستثناء. وقد روى عن أحمد أنه أن كان مظلوما فاستثنى فى نفسه رجوت أن يجوز اذا خاف على نفسه، فهذا فى حق الخائف على نفسه لان يمينه غير منعقدة أو لانه بمنزلة المتأول، وأما فى حق غيره فلا، وقد تقدم فى الكلام على أحكام الاستثناء


(١) كتاب الام للشافعى ج‍ ٧ ص ٥٦، ص ٥٧ ومختصر المزنى على هامش الام ج‍ ٦ ص ٢٢٥ وشرح التحفة وحواشيها ج‍ ٨ ص ٦١، ص ٦٩
(٢) فى المغنى لابن قدامة الحنبلى ج‍ ١١ ص ٢٢٦، ص ٢٣٢.