للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى الطلاق أن هناك ما يصح نطقا واذا نواه بالقلب يدين فيما بينه وبين الله تعالى وذلك مثل تخصيص العام أو استعمال اللفظ‍ فى مجازه مثل أن يقول نسائى طوالق يريد بعضهن أو ينوى بقوله أنت طالق من الوثاق، فهذا يقبل اذا نواه فيما بينه وبين الله تعالى وهل يقبل فى الحكم؟ روايتان أحداهما يقبل لانه فسر كلامه بما يحتمله، والثانية لا يقبل لانه خلاف الظاهر. اللهم ألا أن يفرق بين الطلاق واليمين.

واشترط‍ القاضى أن يقصد الاستثناء فلو أراد الجزم فسبق لسانه الى الاستثناء من غير قصد أو كانت عادته جارية بالاستثناء فجرى لسانه على العادة من غير قصد لم يصح الاستثناء لان اليمين لما لم ينعقد من غير قصد فكذلك الاستثناء وهذا مذهب الشافعية. وذكر بعضهم أنه لا يصح الاستثناء حتى يقصده مع ابتداء يمينه، فلو حلف غير قاصد للاستثناء ثم عرض له بعد فراغه من اليمين فاستثنى لم ينفعه ولا يصح لان هذا يخالف عموم الخبر، فان النبى صلى الله عليه وسلم قال: (من حلف فقال ان شاء الله لم يحنث) ولان لفظ‍ الاستثناء يكون عقيب يمينه فكذلك نيته.

ويصح الاستثناء فى كل يمين تكون فيها الكفارة عند الحنث كاليمين بالله تعالى والظهار والنذر .. قال ابن أبى موسى من استثنى فى يمين تدخلها كفارة فله ثنياه لانها أيمان مكفرة فدخلها الاستثناء كاليمين بالله تعالى .. فلو قال: أنت على كظهر أمى ان شاء الله تعالى، أو أنت على حرام ان شاء الله أو ان دخلت فأنت على كظهر أمى ان شاء الله. أو لله على أن أتصدق بمائة درهم ان شاء الله لم يلزمه شئ لانها ايمان فتدخل فى عموم قوله صلى الله عليه وسلم (من حلف فقال ان شاء الله لم يحنث).

ويتفرع على ذلك انه لو قال: والله لأشربن اليوم الا ان يشاء الله أو لا أشرب الا أن يشاء الله لم يحنث بالشرب ولا بتركه لما ذكرنا من الاثبات. ولا فرق بين تقديم الاستثناء وتأخيره فى هذا كله، فاذا قال: والله ان شاء الله لا أشرب اليوم أو لأشربن ففعل أو ترك لم يحنث لان تقديم الشرط‍ وتأخيره سواء. وقال الله تعالى: «إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ، وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ»}.

أما اذا علق على مشيئة شخص فان الامر يرتبط‍ بمشيئته وجودا وعدما ويترتب الحنث أو البر على الفعل أو الترك تبعا للمشيئة وعدمها.

فلو قال: والله لأشربن اليوم ان شاء زيد فشاء زيد لزمه الشرب، فان تركه حتى مضى اليوم حنث، وان لم يشأ زيد لم يلزمه يمين، فان لم تعلم مشيئته لغيبته أو جنون أو موت انحلت اليمين لانه لم يوجد الشرط‍.