للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لصيرورتها أختا للثانية الباقية فى نكاحه وتنفسخ الثانية بارضاع الثالثة لأنها صارت أختين معا فأشبه ما لو أرضعتهما معا وفى قول لا ينفسخ نكاح الثانية بل يختص الانفساخ بالثالثة لأن الجمع انما حصل بها كما لو نكح امرأة على أختها واقتصر المصنف فى الترتيب على ماذا أرضعتهن متعاقبا وبقى فى الترتيب حالان أحدهما ترضع اثنتين معا ثم الثالثة فينفسخ نكاح الأولتين مع الكبيرة لثبوت الأخوة بينهما ولاجتماعها مع الأم فى النكاح ولا ينفسخ نكاح الثالثة لانفرادها ووقوع أرضاعها بعد اندفاع نكاح أمها وأختيها ثانيهما أن ترضع واحدة أولا ثم اثنتين معا فينفسخ نكاح الأربع.

أما الأولى والكبيرة فلاجتماع الأم والبنت فى النكاح وأما الأخريان فلانهما صارتا أختين معا ويجرى هذان القولان فيمن تحته زوجتان صغيرتان أرضعتهما أجنبية مرتبا أو ينفسخان أم الثانية يختص الانفساخ بها فقط‍ والأظهر منهما انفساخهما لما ذكر وخرج بقوله مرتبا ما اذا أرضعتهما معا فانه ينفسخ نكاحهما قولا واحدا لأنهما صارتا أختين معا ولا خلاف فى تحريم المرضعة على التأييد لأنها صارت أم زوجته.

ومن أفسد (١) نكاح امرأة بالرضاع المنصوص أنه يلزمه نصف مهر المثل ونص فى الشاهدين بالطلاق اذا رجعا على قولين أحدهما يلزمها مهر المثل والثانى يلزمها نصف مهر المثل.

واختلف أصحابنا فيه فنقل أبو سعيد الأصطخرى جوابه من احدى المسئلتين الى الأخرى وجعلهما على قولين أحدهما يجب مهر المثل لأنه أتلف البضع فيوجب ضمان جميعه والثانى يجب نصف مهر المثل لأنه لم يغرم للصغيرة الا نصف بدل البضع فلم يجب له أكثر من نصف بدله.

وقال أبو اسحق يجب فى الرضاع نصف المهر لأنه وفى الشهادة يجب الجميع والفرق بينهما أن فى الرضاع وقعت الفرقة ظاهرا وباطنا وتلف البضع عليه وقد رجع اليه بدل النصف فوجب له بدل النصف وفى الشهادة لم يتلف البضع فى الحقيقة وانها حيل بينه وبين ملكه فوجب ضمان جميعه والصحيح طريقة أبى اسحق (٢).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى أن الرجل اذا تزوج كبيرة لم يدخل بها وثلاث صغائر فأرضعت الكبيرة احداهن فى الحولين حرمت الكبيرة على التأييد وثبت نكاح الصغيرة وعنه ينفسخ نكاحها واذا تزوج كبيرة وصغيرة فأرضعت الكبيرة الصغيرة قبل دخوله بها فسد نكاح الكبيرة فى الحال وحرمت على التأييد وبه قال الثورى وأبو ثور وأصحاب الرأى.

وقال الأوزاعى نكاح الكبيرة ثابت وتنزع منه الصغيرة ولا يصح ذلك فان الكبيرة صارت من أمهات النساء فتحرم أبدا لقول الله سبحانه وتعالى «وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ} (٣)» ولم يشترط‍ دخوله بها فأما الصغيرة ففيها روايتان احداهن نكاحها ثابت لأنها ربيبة ولم يدخل بأمها فلا تحرم لقول الله تعالى «فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ} (٤)».


(١) المرجع السابق ج‍ ٣ ص ٣٨٨، ٣٨٩
(٢) المهذب فى فقه الامام الشافعى للشيخ أبى اسحق ابراهيم بن على يوسف الفيروزأبادى الشيرازى الجزء الثانى ص ١٥٨، ١٥٩ طبع مطبعة عيسى البابى بمصر
(٣) الآية رقم ٢٣ من سورة النساء
(٤) الآية رقم ٢٣ من سورة النساء