للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكفالة ولكن الكفيل مأخوذ بقضاء الدين فاذا أداه رجع به فيما تركت فى دار الاسلام لأنه دين مؤجل كان له عليها بمنزلة سائر ديونها فان لم تترك مالا وأدى الكفيل ذلك من ماله ثم اعتقت يوما لم يتبعها الكفيل من ذلك لأن الدين حين وجب لم يكن شاغلا لشئ سوى الذمة وقد تعذر ابقاؤه بتلك الصفة فلهذا سقط‍ عنها وكذلك الذمى والذمية اذا انقضى عهد الذمة بسبب من أسباب انقضائه ولحق بدل الحرب ولم يتركا مالا وقد كفل رجل عنهما بنفس أو مال فان الكفيل يؤخذ بذلك فان ماتا أو سبيا بطلت الكفالة بالنفس دون المال فان أداه ثم عتقا لم يرجع عليهما به لما بيناه فى المرتدة ولو كفل مسلم لمرتد بنفس أو مال ثم لحق المرتد بدار الحرب كان ورثته على حقه من الكفالة لأنهم يخلفونه فى حقوقه بعد لحاقه كما يخلفونه فى أملاكه فان رجع ثانيا كان له أن يأخذ الكفيل بالنفس والمال لأن ما كان قائما من حقوقه يعود اليه اذا رجع ثانيا بمنزلة ما هو قائم من أملاكه وان كان ورثته قد استوفوا بقضاء القاضى فالكفيل من ذلك برئ بمنزلة ما هلك من ماله وهذا لأن الأداء الى وارثه بقضاء القاضى بمنزلة الأداء اليه فيبرأ الكفيل به وكفالة المستأمن والكفالة له بمال أو نفس جائزة لأنه من المعاملات وانما دخل دارنا بأمان ليعاملنا ففى المعاملات يستوى بنا فان لحق بداره ثم خرج مستأمنا فالكفالة بحالها لأنه باللحاق صار من أهل دار الحرب حقيقة بعد أن كان من أهلها حكما فلم يتغير حاله باللحاق، وان أسر بطلت الكفالة فيما له لأن نفسه قد تبدلت بالأسر وذلك مبطل لحقوقه ولا ورثة له تخلفه فى ذلك بخلاف المرتدة (١) على ما بيننا فأما فيما عليه فتبطل الكفالة بالنفس لتبدل نفسه بالأسر كما فى المرتدة وبالمال كذلك هنا لأن فى المرتدة المال يتحول الى ما خلفت وليس هنا محل هو خلت عنه فلهذا بطلت الكفالة بالمال أيضا.

[لحوق رب مال المضارب بدار الحرب]

جاء فى المبسوط‍ (٢) للسرخسى لو ارتد رب مال المضاربة أو كان مرتدا ثم اشترى المضارب وباع فربح أو خسر ثم قتل المرتد أو مات أو لحق بدار الحرب فان القاضى يجيز البيع والشراء على المضاربة والربح له ويضمنه رأس المال فى قياس قول أبى حنيفة رحمه الله وفى قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله هو على المضاربة لأبى حنيفة أن رب المال حين ارتد فقد توقفت نفسه وصار بحيث لا يملك التصرف بنفسه فكذلك لا يملك المضارب التصرف له ولكن ينفذ تصرفه فى الشراء والبيع على نفسه ويضمن ما نقد من مال المضاربة وعند أبى يوسف ومحمد تصرفه نافذ على المضاربة ثم على قول أبى حنيفة رحمه الله نفاذ شرائه على نفسه غير مشكل ولكن الاشكال فى تنفيذ بيعه وانما ينفذ بيعه لأن ردة رب المال بعد ما صار المال عروضا كموته وقد بينا أنه يملك البيع بعد موت رب المال فلا بد من تنفيذ بيعه لذلك ثم شراؤه بعد ذلك بالمال على نفسه ولو لم يدفع ذلك الى القاضى حتى رجع المرتد مسلما جاز جميع ذلك على


(١) المرجع السابق ج‍ ٢٠ ص ٣٣ الطبعة السابقة.
(٢) المبسوط‍ ج‍ ٢٢ ص ١٢٨ وما بعدها الطبعة السابقة.