للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك كسب المبيع يكون للمشترى المفلس.

وأما الزيادة فى القيمة فشبهها الامير الحسن بالزيادة المتصلة فقال: يأخذها البائع بدون عوض. وشبهها القاضى جعفر بالزيادة المنفصلة فقال: يخير البائع بين أن يأخذ المبيع ويسلم زيادة القيمة وبين أن يباع فيأخذ مقدار الثمن فقط‍. ولو اشترى مسامير فسمر بها بابا مثلا ثم افلس فلا سبيل للبائع عليها حينئذ وان كانت العين المبيعة أرضا فغرسها المشترى أو بنى فيها ونحوه مما لا حد له ينته اليه ثم أفلس فللمفلس قيمة ذلك اذا أخذه البائع، وله رفع ذلك وعليه تعويض نقص الارض، لانه حصل من تخليص ملكه. واذا كان المشترى قد شغل المبيع بزرع او نحوه مما له وقت ينته إليه ثم أخذه البائع لافلاس المشترى فانه يجب على البائع إبقاؤه حتى يبلغ الحصاد بلا اجرة تلزم المشترى لبقائه. وما كان قد شفع فيه المشترى وافلس عنه قبل تسليم ثمنه استحق البائع ثمنه وكان أولى به من سائر الدائنين والشفيع أولى بالمبيع. وهذا كله عند القاسمية.

وقال زيد بن على والناصر: لا حق للبائع فى المبيع حيث قد سلمه للمشترى وأفلس المشترى أو انكشف إفلاسه قبل تسليم الثمن ويكون البائع أسوة الدائنين بثمن مبيعه لان المشترى ملكه بالثمن والثمن فى ذمته. أما اذا أفلس المشترى قبل أن يقبض المبيع فلا خلاف أن البائع أولى به ومن باع شيئا ثم أفلس قبل تسليمه للمشترى فلا حق للدائنين فى المبيع لزوال ملك البائع المفلس عنه قبل إفلاسه فإن تعذر تسليم المبيع كله أو بعضه رجع المشترى بما قد سلم من الثمن وهو احق بباقى المبيع من سائر الدائنين. (١).

[مذهب الإمامية]

إذا أفلس الشخص وحجر عليه بسبب ذلك فمن وجد من الدائنين عين ماله التى نقلها إلى المفلس قبل الحجر ولم يستوف عوضها الحق فى انتزاعها ويكون أحق بها من غيره من سائر الدائنين، ولا فرق بين أن يكون للمفلس مال سوى العين المذكورة أو لا. وروى أنه يكون أسوة الدائنين ولا يكون أحق بها من غيره إلا إذا كان للمفلس من المال غيرها ما يوفى به كل الدائنين ويتصور هذا بتجدد مال المفلس بارث أو اكتساب أو نحوه، وذلك لان دينه ودين غيره متعلق بذمته وهم مشتركون فى ذلك فلا وجه للتخصيص، ولأن المال قد انتقل إلى المفلس فلا يعود إلى مالكه إلا بوجه شرعى. والصحيح الأول لما سبق ذكره من حديث أبى هريرة ولما رواه عمر بن يزيد فى الصحيح عن الكاظم قال: سألته عن الرجل يركبه الدين فيوجد متاع رجل عنده بعينه، قال: لا تحاصه الغرماء. ولأنه لم يسلم له العوض فكان له الرجوع إلى المعوض، دفعا للضرر. وبناء على الصحيح إذا لم يرد الدائن انتزاع عين ماله كان له أن يقاسم مع الدائنين بنسبة دينه، ودينه يكون الثمن لا القيمة ومع اختياره العين يثبت له سواء كانت السلعة مساوية لثمنها أو أكثر أو أقل. وخياره فى ذلك قيل: يكون على الفور لأن القول بالتراخى يؤدى إلى الاضرار بالدائنين من حيث أنه يؤدى إلى تأخير حقوقهم. وقيل: يكون على التراخى لأنه حق رجوع لا يسقط‍ إلى عوض، فكان على التراخى كالرجوع فى الهبة ولا يفتقر الفسخ والرجوع فى ذلك إلى حكم القاضى به. ويفتقر الرجوع هذا إلى أركان ثلاثة: العوض والمعوض والمعاوضة. أما العوض وهو الثمن المتعذر تحصيله فشرطه أمران:

الأول: أن يتعذر استيفاؤه بسبب الافلاس فلو وفى المال به فلا رجوع ولا فسخ ولا يسقط‍ حق رجوع الدائن فى عين ماله بدفع الدائنين لما فى ذلك من المنة ولجواز ظهور دائن آخر وفرض المسألة فيما إذا قالوا له: نوفر عليك ثمنها بكماله وتسقط‍ حقك من العين وتكون فائدتهم أن العين تساوى أكثر من دينه الذى هو ثمنها فيوفروا عليه الثمن ليرتفقوا بقيمتها فى ديونهم. أما إذا دفعوا من مالهم للمفلس على سبيل الهبة فيجب عليه القبول حيث يشترطون


(١) البحر الزخار ج ٥ ص ٨٣ - ٨٥ الطبعة السابقة شرح الأزهار ج ٤ ص ٢٧٩ - ٢٨٤ الطبعة السابقة.