للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للاقامة حتى لو نوى الاقامة فى هذه المواضع خمسة عشر يوما لا يصير مقيما كذا روى عن أبى حنيفة وهذا اذا سار المسافر ثلاثة أيام، والا فتصح الاقامة ولو فى المغازة لأن نية الاقامة قبل تمام مدة السفر تكون نقصا للسفر كنية العود الى بلده، والسفر قبل استحكامه يقبل النقض وروى عن أبى يوسف فى الأعراب والاكراء والتركمان اذا نزلوا بخيامهم فى موضع ونووا الاقامة خمسة عشر يوما صاروا مقيمين وعلى هذا اذا نوى المسافر الاقامة فيه خمسة عشر يوما يصير مقيما كما فى القرية وفى رواية أخرى عنه أنهم لا يصيرون مقيمين والصحيح قول أبى حنيفة لأن موضع الاقامة هو موضع القرار والمغازة ليست موضع القرار فى الأصل فكانت النية لغوا ولو حاصر المسلمون مدينة من مدائن أهل الحرب ووطنوا أنفسهم على اقامة خمسة عشر يوما لم تصح نية الاقامة ويقصرون صلاتهم وكذا اذا نزلوا المدينة حاصروا أهلها فى الحصن بخلاف ما اذا دخلوا المدينة بأمان فانهم يتمون لأن أهل الحرب لا يتعرضون لهم لأجل الأمان وقال أبو يوسف ان كان المسلمون الذين حاصروا مدينة من مدائن أهل الحرب فى الأخبية والفساطيط‍ خارج البلدة فانهم يقصرون وان كانوا فى الأبنية صحت نية الاقامة وقال زفر فى الفصلين جميعا ان كانت الشوكة والغلبة للمسلمين صحت نيتهم وان كانت للعدو لم تصح، ولو انفلت الأسير من الكفار وتوطن فى غار ونوى الاقامة فيه خمسة عشر يوما لم يصير مقيما لتردده لأنه اذا وجد الفرصة قبل تمام المدة خرج هذا مذهب (١) الحنفية.

[أما المالكية والشافعية والحنابلة والزيدية]

فلا يشترطون أن يكون المكان صالحا للاقامة فلو نوى المسافر الذى سار مسافة القصر الاقامة مدة قاطعة لحكم السفر فى مكان أى مكان كان ولو كان غير صالح للاقامة كالمفازة صحت نيته وامتنع القصر (٢). هذا اذا كانت الاقامة بالاستقلال.

أما اذا كانت الاقامة بطريق التبعية: فان الأصل فى حال السفر أن العبرة بنية الأصل لانه المتبوع فكذلك فى حال الاقامة العبرة فيها بنية المتبوع كما يقول الحنفية فاذا صار الأصل مقيما صار التابع مقيما باقامة الاصل كالعبد التابع لسيده، والعبد يشمل القن والمدبر وأم الولد دون المكاتب لأن له السفر بغير اذن المولى فلا تلزمه طاعته وكالزوجة التابعة لزوجها وكالأسير مع العدو قال ابن عابدين فى حاشيته: ذكر فى المنتقى أن المسلم اذا أسره العدو ان كان مقصدهم ثلاثة أيام قصد وان لم يعلم سألهم فان لم يخبره وكان العدو مقيما أتم وان كان مسافرا قصر.

قال ابن عابدين وكذا ينبغى أن يكون حكم كل تابع يسأل متبوعه فان اخبره عمل بخبره والا عمل بالأصل الذى كان عليه من اقامة وسفر حتى يحلق خلافه وتعذر السؤال بمنزلة السؤال عند عدم الاخبار، وكل من لزمه طاعة غيره، فأنه يتبع ذلك الغير كالجندى اذا كان يرتزق من الأمير أو من بيت المال وكالأجير اذا كانت اجارته مشاهرة أو مسانهة وكالمتعلم اذا كان يرتزق مع معلمه الملازم له وذلك لأن الحكم فى التبع ثبت بعلة الأصل ولا تراعى له علة على حدة لما فيه من جعل التبع أصلا، وأما الغريم مع صاحب الدين فقد ذكر فى البدائع أنه ان كان الغريم مليا فالنية اليه لأنه يمكنه قضاء الدين والخروج من يده وان كان مفلسا فالنية الى الطالب لأنه لا يمكنه الخروج من يده فكان تابعا له وفى تنوير الأبصار وشرحه الدر المختار: لا بد من علم التابع بنية المتبوع فلو نوى المتبوع الاقامة ولم يعلم التابع فهو مسافر حتى يعلم على الأصح والقول الثانى:


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ١ ص ٩٨ الطبعة السابقة وحاشية ابن عابدين على الدر المختار ج ١ ص ٧٣٨ الطبعة السابقة.
(٢) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه ج ١ ص ٣٦٠ الطبعة السابقة ومغنى المحتاج الى معرفة الفاظ‍ المنهاج للشربينى الخطيب ج ١ ص ٢٦٢ الطبعة السابقة وهداية الراغب لشرح عمدة الطالب لعثمان احمد النجدى الحنبلى ج ١ ص ١٧٤ طبع مطبعة المدنى المؤسسة السعودية بمصر سنة ١٣٧٩ هـ‍ وشرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لابن مفتاح ج ١ ص ٣٦٤ الطبعة السابقة.