للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قول أبى يوسف لبقاء مدة الاجارة فاعتبر بقاء المدة بقاء لها، فصلحت لأن تكون محلا للاجازة.

وفى قول محمد صحت فيما يأتى من المدة ولم تصح فيما مضى، لأن كل جزء من أجزاء المنفعة معقود عليه، فكان كأنه قد عقد عليه بعقد مبتدأ، وبمضى الزمن ينعدم ما استوفى فيه من المنافع فلا تلحقه الاجازة بخلاف ما لم يستوف ولا تطيب الأجرة للعاقد عند ما تكون له لأنها بدل ما لا يملك وهذا بخلاف استئجار الفضولى فانه اذا أضاف العقد الى نفسه وقع له ولا يتوقف (١).

وكذلك نص المالكية على أنه لا يجوز استئجار زهور لشمها أو للتمتع بنظرها واستئجار نار للاستضاءة، وكذلك استئجار آلات اللهو للعزف لأن جميع هذه المنافع غير متقومة شرعا (٢).

والى ذلك ذهب الشافعية (٣) والحنابلة (٤) فقد جاء فى كشاف القناع: ولا تصح اجارة نقد أو شمع وأوان لتجميل بيت أو دكان اذ لا يقابل مثل ذلك بعوض، وكذلك لا يجوز اجارة كتاب لقراءة فيه (٥) والى هذا ذهب الزيدية أيضا (٦)، والشيعة الإمامية (٧)

ويتضمن هذا الشرط‍ أيضا ألا تكون المنفعة محظورة شرعا لأن المحظور شرعا لا يملك، وعلى هذا لا تجوز الاجارة على المعاصى كالاجارة على السرقة والقتل والسب ونحو ذلك، وعلى هذا اتفقت كلمة المذاهب الثمانية (٨).

ومما فرعه الحنفية على هذا الشرط‍ عدم جواز استئجار الولد والده للخدمة لأن اهانة الولد باستخدامه محظور، وأجاز ذلك الحنابلة مع الكراهة وعلى ذلك فليس كل محظور عندهم لا تصح الاجارة عليه بل فيما يكون محرما (٩).

ويلاحظ‍ أن الاستئجار على المعاصى الاجارة فيه باطلة ولا تملك بها الأجرة، ويعد الاستيلاء عليها غصبا ولذا كان هذا الشرط‍ فى ذلك الموضع شرط‍ انعقاد كما يعد شرط‍ انعقاد أيضا فى اجارة ما لا يتقوم من المنافع أما فى اجارة ما لا يلى عليه المؤجر من المنافع فهو شرط‍ نفاذ عند الحنفية وشرط‍ صحة عند الشافعية (ارجع الى مصطلح فضولى).

[الأجرة وشروطها]

الأجرة أو الأجر فى الاجارة هو بدل المنفعة التى وقع عليها عقد الاجارة فهو فى الاجارة كالثمن فى البيع اذ كلاهما عقد معاوضة ولذا كان كل ما يصلح ثمنا فى البيع يصلح أجرة فى الاجارة وما لا يصلح ثمنا


(١) بدائع الصنائع ج‍ ٤ ص ١٧٧.
(٢) الشرح الكبير للدردير ج‍ ٤ ص ١٩ طبعة الحلبى
(٣) نهاية المحتاج ج‍ ٥ ص ٢٦٦.
(٤) كشاف القناع ج‍ ٢ ص ٢٩١، ٢٩٤.
(٥) منتهى الأرادات ج‍ ١ ص ٤٧٩.
(٦) حاشية شرح الأزهار ج‍ ٣ ص ٢٥٣ و ٢٥٤.
(٧) تحرير الأحكام ج‍ ١ ص ٢٤٥.
(٨) كشاف القناع ج‍ ٢ ص ٢٩١ ونهاية المحتاج ج‍ ٥ ص ٢٧٠ والبدائع ج‍ ٤ ص ٢٨٩ والشرح الكبير ج‍ ٤ ص ٢٠ وشرح الأزهار ج‍ ٣ ص ٣٠٢، والمحلى ج‍ ٨ ص ١٩٢ وما بعدها، وتحرير الاحكام ج‍ ١ ص ٢٤٨.
وشرح النيل ج‍ ٥ ص ١٠.
(٩) البدائع ج‍ ٤ ص ١٩٠ وكشاف القناع ج‍ ٢ ص ٢٩٢.